فيهم حُكْمُ القَرَابَةِ من الإرْثِ والعَقْلِ والنَّفَقَةِ، فلا يَمْتَنِعُ ثُبُوثُ حُكْمِ تَحْرِيمِ الصَّدَقَةِ فيهم.
فصل: فأمَّا بنو المُطَّلِبِ، فهل لهم الأخْذُ من الزكاةِ؟ على رِوَايَتَيْنِ: إحْداهما، ليس لهم ذلك. نَقَلَها عبدُ اللهِ بنُ أحمدَ، وغيرُه؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إنَّا وبَنُو المُطَّلِبِ لم نَفْتَرِقْ في جَاهِلِيَّةٍ ولَا إسْلَامٍ، إنَّما نَحْنُ وهُمْ شَيءٌ وَاحِدٌ"(٥). وفي لَفْظٍ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ في "مُسْنَدِهِ"(٦): "إنَّما بَنُو هَاشِمٍ وبَنُو المُطَّلِبِ شَىْءٌ وَاحِدٌ". وشَبَّكَ بين أصَابِعِه. ولأنَّهم يَسْتَحِقُّونَ من خُمْسِ الخُمْسِ، فلم يكنْ لهم الأخْذُ كبني هاشِمٍ، وقد أكَّدَ ما رُوِيَ أنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَّلَ مَنْعَهم الصَّدَقَةَ باسْتِغْنَائِهم عنها بِخُمْسِ الخُمْسِ، فقال:"ألَيْسَ فى خُمْسِ الخُمْسِ ما يُغْنِيكُمْ؟ "(٧). والرِّوَايَةُ الثّانِيةُ، لهمُ الأخْذُ منها. وهو قَوْلُ أبى حنيفةَ، لأنَّهم دَخَلُوا في عُمُومِ قَوْلِه تعالى:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ}(٨). الآية. لكن خَرَجَ بنو هاشِمٍ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَنْبَغِي لِآلِ مُحَمَّدٍ"(٩)، فَيَجِبُ أنْ يَخْتَصَّ المَنْعُ بهم، ولا يَصِحُّ قِيَاسُ بَنِى المُطَّلِبِ علَى
= والبيهقي، في: باب من أعتق مملوكا له، من كتاب الولاء. السنن الكبرى ١٠/ ٢٩٢. (٥) أخرجه أبو داود، في: باب في بيان مواضع قسم الخمس وسهم ذوى القربى، من كتاب الإمارة. سنن أبي داود ٢/ ١٣٢، والنسائي، في: أول كتاب الفىء. المجتبى ٧/ ١١٩. (٦) المسند ٢/ ١٢٥. كما أخرجه البخاري، في: باب ومن الدليل على أن الخمس للإمام. . .، من كتاب الخمس، وفي: باب مناقب قريش، من كتاب المناقب، وفي: باب غزوة خيبر، من كتاب المغازى. صحيح البخاري ٤/ ١١١، ٢١٨، ٥/ ١٧٤. وأبو داود، في: باب في بيان مواضع قسم الخمس وسهم ذوى القربى، من كتاب الإمارة. سنن أبي داود ٢/ ١٣١. والنسائي، في: أول كتاب الفىء. المجتبى ٧/ ١١٨، ١١٩. وابن ماجه، في: باب قسمة الخمس، من كتاب الجهاد. سنن ابن ماجه ٢/ ٩٦١. والإمام أحمد، في: المسند ٤/ ٨٥. (٧) أخرجه الهيثمي، في: باب الصدقة لرسول اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولآله ولمواليهم، من كتاب الزكاة. مجمع الزوائد ٣/ ٩١. وعزاه للطبراني في الكبير عن ابن عباس. (٨) سورة التوبة ٦٠. (٩) تقدم تخريجه في صفحة ١٠٩.