حنيفَة: يُكْرَهُ؛ لأنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كانَ في أَيَّامِه الفُتُوحُ، واسْتَسْقَى فسُقِىَ، ولم يُنْقَلْ أنَّه سَجَدَ، ولو كان مُسْتَحَبًّا لمْ يُخِلَّ به. ولَنا: ما رَوَى ابْنُ المُنْذِرِ، بِإِسْنَادِهِ عن أبى بَكْرةَ، أن النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كانَ إذا أتَاهُ أَمْرٌ يُسَرُّ بهِ خَرَّ ساجِدًا. [وَرَوَاهُ أبو داوُد (٥٥)، ولَفْظُهُ قال: كانَ [إذا أتَاهُ أَمْرٌ يُسَرُّ بِهِ](٥٦)، أوْ بُشِّرَ به خَرَّ ساجِدًا؛ شُكْرًا للهِ. وقالَ التِّرْمِذِىُّ: هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ] (٥٧). وسجدَ الصِّدِّيقُ حينَ [بُشِّر بفَتْحِ](٥٨) اليَمَامَةِ، وعَلِىٌّ حِين وجَدَ ذا الثُّدَيَّةِ (٥٩). [أىْ حِينَ وجَدَهُ في الخَوَارِجِ؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أخبرَ به ووَصَفَه](٦٠)، ورُوِىَ عن جماعةٍ مِن الصَّحابَةِ، فَثَبَتَ ظُهُورُهُ وانْتِشَارُهُ. [فَبَطَلَ ما قالُوهُ](٦٠)، وتَرْكُهُ تَارَةً لا يَدُلُّ على أنه ليْسَ بِمُسْتَحَبٍّ، فإنَّ المُسْتَحَبَّ يُفْعَلُ تارَةً، ويُتْرَكُ أُخْرَى. [إذا ثبَت هذا فإنَّ صفةَ سُجودِ الشُّكْرِ في أفْعالِه وأحْكامِه وشُروطِه كصِفةِ سُجودِ التِّلاوةِ، على ما ذكْرنَاه](٦١).
فصل: ولا يَسْجدُ لِلشُّكْرِ وهو في الصلَاةِ. لأَنَّ سَبَبَ السَّجْدَةِ لَيْسَ مِنها. فإنْ فَعَلَ بطلتْ صلاتُهُ، [كما لو صلَّى فيها صلاةً أخرى](٦٢)، إلَّا أنْ يَكُونَ ناسيًا
(٥٥) في: باب في سجود الشكر، من كتاب الجهاد. سنن أبي داود ٢/ ٨١. كما أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في سجدة الشكر، من كتاب السير. عارضة الأحوذى ٧/ ٧٣. وابن ماجه، في: باب ما جاء في الصلاة، والسجدة عند الشكر، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه ١/ ٤٤٦. (٥٦) في سنن أبي داود: "إذا جاءه أمر سرور". (٥٧) سقط من: الأصل. (٥٨) في م: "فتح". وأخرجه عبد الرزاق، في: باب سجود الرجل شكرًا، من كتاب فضائل القرآن. المصنف ٣/ ٣٥٨. والبيهقي، في: باب سجود الشكر، من كتاب الصلاة. السنن الكبرى ٢/ ٣٧١. (٥٩) كان من صفة ذى الثدية أن له عضدا وليس له ذراع، وعلى رأس عضده مثل حلمة الثدى، وكان من الخوارج على عليٍّ رضى اللَّه عنه، وتجد خبره في: الإصابة ٢/ ٤٠٩، ٤٠١، كما أن حديثه أخرجه مسلم، في: باب التحريض على قتل الخوارج، من كتاب الزكاة، صحيح مسلم ٢/ ٧٤٨، ٧٤٩. وأبو داود، في: باب في قتال الخوارج، من كتاب السنة. سنن أبي داود ٢/ ٥٤٣. (٦٠) سقط من: الأصل. (٦١) في م: "ويشترط لسجود الشكر ما يشترط لسجود التلاوة. واللَّه أعلم". (٦٢) سقط من: م.