وجُمْلَتُهُ أَنَّه إذا صَلَّى ركعتيْنِ جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ، وهذا الجُلُوسُ والتَّشَهُّدُ فيه مَشْرُوعَانِ بلا خلافٍ، وقد نَقَلَهُ الخَلَفُ عن السَّلَفِ، عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نَقْلا مُتَوَاتِرًا، والأُمَّةُ تَفْعَلُه في صلاتِها؛ فإِنْ كانتِ الصلاةُ مَغْرِبًا أَوْ رُباعِيَّةً، فهما واجِبَانِ فيها، على إحدى الرِّوايَتَيْنِ. وهو مذهبُ اللَّيْثِ، وإسحاقَ. والأُخْرَى: ليسا بوَاجِبَيْنِ. وهو قولُ أبِى حنيفةَ، ومالكٍ، والشافعىِّ؛ لأنّهُمَا يَسْقُطَانِ بالسهوِ، فأَشْبَهَا السُّنَنَ. ولَنا، أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَعَلَهُ، ودَاوَمَ على فِعْلِه، وأمَرَ به في حديثِ ابْنِ عباسٍ، فقالَ:"قُولُوا: التَّحِيَّاتُ لِلّهِ (٢) ". وسجدَ للسَّهوِ حين نَسِيَهُ (٣). وقد قالَ:"صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِى أُصَلِّى (٤) ". وإنَّما سَقَطَ بالسَّهْوِ إلى بَدَلٍ، فأَشْبَهَ جُبْرَانَاتِ (٥) الحَجِّ تُجْبَرُ بالدَّمِ، بخلافِ السُّنَنِ، ولأنَّه أحَدُ التَّشَهُدَيْنِ، فكان واجبًا كالآخَرِ.
(٧) في م: "على هذا". (١) سقط من: م. (٢) يأتى في المسألة التالية. (٣) يأتى في سجود السهو. (٤) سبق في صفحة ١٣٧، ١٥٧. (٥) الجبران، في مصادر جبر، غير مذكور. المغرب للمطرزى ١/ ١٢٩. وفى المصباح المنير: وجبرت نصاب الزكاة بكذا: عادلته به، واسم ذلك الشيء الجُبْران.