فصل: ويُسْتَحَبُّ التَّنَفُّلُ بين المَغْرِبِ والعِشَاءِ؛ لما رُوِىَ عن أنَسِ بن مَالِكٍ في هذه الآية:{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ}(١١١) الآية، قال: كانوا يَتَنَفَّلُونَ (١١٢) ما بين المَغْرِبِ والعِشَاءِ، يُصَلُّونَ. رَوَاه أبو دَاوُدَ (١١٣). وعن عائشةَ رَضِى اللهُ عنها، عن رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال:"مَنْ صَلَّى بَعْدَ المَغْرِبِ عِشْرِينَ رَكْعَة بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتًا فِى الجَنَّةِ"(١١٤). قال أبو عيسى: هذا حَدِيثٌ غَرِيبٌ.
فصل: وما وَرَدَ عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- تَخْفِيفُه أو تَطْوِيلُه، فالأفْضَلُ اتبَاعُه فيه، فإنَّه عليه السَّلَامُ لا يَفْعَلُ إلَّا الأفْضَلَ، وقد ذَكَرْنا بعضَ ما كان النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُخَفِّفُهُ ويُطَوِّلُهُ، وما عَدَا ذلك فاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فيه؛ فَرُوِىَ أنَّ الأفْضَلَ كَثْرَةُ الرُّكُوعِ والسُّجُودِ، لقولِ ابْنِ مسعودٍ: إنّي لأعْلَمُ النَّظَائِرَ التي كان رَسُولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَقْرِنُ بَيْنَهُنَّ سُورَتَيْنِ في كلّ رَكْعَةٍ، عِشْرُونَ سُورَةً من المُفَصَّلِ. رَوَاهُ مُسْلمٌ (١١٥). وقال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْجُدُ (١١٦) سَجْدَةً إلَّا كَتَبَ اللهُ لَهُ بِهَا حَسَنَةً، ومَحَا عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً، ورَفَعَ لَهُ بِهَا دَرَجَةً"(١١٧). والثانية، التَّطْوِيلُ أفْضَلُ؛ لقَوْلِ
= والثاني أخرج صدره أبو داود، في: باب ما يؤمر به من القصد في الصلاة، من كتاب التطوع. سنن أبي داود ١/ ٣١٥. والنسائي، في: باب المصلى يكون بينه وبين الإمام سترة، من كتاب القبلة، وفي: باب قيام الليل، وباب الاختلاف على عائشة، من كتاب قيام الليل، وفي: باب ذكر اختلاف الناقلين لخبر عائشة فيه، وباب صوم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بأبي هو وأمي، من كتاب الصيام. المجتبى ٢/ ٥٣، ٣/ ١٦٣، ١٧٨، ٤/ ١٢٥، ١٦٩. والإمام أحمد، في: المسند ٦/ ١٠٩. (١١١) سورة السجدة ٢٦. (١١٢) في سنن أبي داود: "يتيقظون". (١١٣) في: باب قيام النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من الليل، من كتاب التطوع. سنن أبي داود ١/ ٣٠٤. (١١٤) أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في فضل التطوع وست ركعات بعد المغرب، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذي ٢/ ٢٢٥. (١١٥) تقدم تخريجه في صفحة ١٦٨، ويضاف إليه: وأخرجه الترمذي، في: باب ما ذكر في قراءة سورتين في ركعة، من أبواب الجمعة. عارضة الأحوذي ٣/ ٨٢. (١١٦) في أ، م: "سجد". (١١٧) أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في كثرة الركوع والسجود، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذي =