يَعْنِى إذا طافَ لِلزِّيَارَةِ بعدَ الرَّمْىِ والنَّحْرِ والحَلْقِ، حَلَّ له كُلُّ شىءٍ حَرَّمَهُ الإِحْرَامُ. وقد ذَكَرْنَا أنَّه لم يَكُنْ بَقِىَ عليه من المَحْظُورَاتِ سِوَى النِّساءِ، فبهذا (١) الطَّوَافِ حَلَّ (٢) له النِّساءُ. قال ابنُ عمرَ: لم يَحِلَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من شىءٍ حَرُمَ منه، حتى قَضَى حَجَّهُ، ونَحَرَ هَدْيَهُ يومَ النَّحْرِ، فأفَاضَ بِالْبَيْتِ، ثم حَلَّ من كلِّ شىءٍ [حَرُمَ منه](٣). وعن عائشةَ مثلُه. مُتَّفَقٌ عليهما (٤). ولا نَعْلَمُ خِلَافًا في حُصُولِ الحِلِّ بِطَوَافِ الزِّيارَةِ، على التَّرْتِيبِ الذى ذَكَرَ الخِرَقِيُّ، وأنَّه كان قد سَعَى مع طَوَافِ القُدُومِ، وإن لم يَكُنْ سَعَى لم يَحِلَّ حتى يَسْعَى، إن قُلْنَا: إنَّ السَّعْىَ رُكْنٌ. وإن قُلْنَا: هو سُنَّةٌ. فهل يَحِلُّ قَبْلَهُ؟ على وَجْهَيْنِ؛ أحَدُهما، يَحِلُّ؛ لأنَّه لم يَبْقَ عليه شيءٌ من وَاجِبَاتِه. والثانى، لا يَحِلُّ؛ لأنَّه من أفْعَالِ الحَجِّ، فيَأْتِى به في إحْرَامِ الحَجِّ، كالسَّعْىِ في العُمْرَةِ. وإنَّما خَصَّ الخِرَقِيُّ المُفْرِدَ والقَارِنَ بهذا، لِكَوْنِهِما سَعَيَا مع (٥) طَوَافِ القُدُومِ، والمُتَمَتِّعُ لم يَسْعَ.
(١) في ب، م: "فهذا". (٢) في ب، م: "حلل". (٣) في ب، م: "حرمه". (٤) أخرجهما البخارى، في: باب من ساق البدن معه، من كتاب الحج. صحيح البخارى ٢/ ٢٠٥، ٢٠٦. ومسلم، في: باب وجوب الدم على المتمتع. . .، من كتاب الحج. صحيح مسلم ٢/ ٩٠١. كما أخرج حديث ابن عمر أبو داود، في: باب في الإِقران، من كتاب المناسك. سنن أبي داود ١/ ٤١٩. والنسائى، في: باب التمتع، من كتاب الحج. المجتبى ٥/ ١١٧، ١١٨. (٥) في الأصل: "في". (١) في ب، م: "بالعمرة". (٢) سقط من: ب، م.