لبَّيْكَ. هذا مَعْنَاهُ. رَوَاهُ الأثْرَمُ. ويُرْوَى أنَّ أنَسًا كان يَزيدُ: لبَّيْكَ حَقًّا حَقًّا، تَعَبُّدًا ورِقَّا (٨). وهذا يَدُلُّ على أنَّه لا بَأْسَ بِالزِّيادَةِ، ولا تُسْتَحَبُّ، لأنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَزِمَ تَلْبِيَتَه فكَرَّرَها، ولم يَزِدْ عليها. وقد رُوِىَ أن سَعْدًا سَمِعَ بعضَ بنى أخيه وهو يُلَبِّى: ياذا المعَارِجِ. فقال: إنَّه لَذُو المَعَارِجِ، وما هكذا كُنَّا نُلبِّى على عهدِ رسولِ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (٩).
فصل: ويُسْتَحَبُّ ذِكْرُ ما أحْرَمَ به فى تَلْبِيَتِه. قال أحمدُ:[إن شِئْتَ لَبَّيْتَ بالحَجِّ](١٠)، وإن شِئْتَ لَبَّيْتَ بالحَجِّ والعُمْرَةِ، وإن شِئْتَ بِعُمْرَةٍ، وإن لَبَّيْتَ بِحَجٍّ وعُمْرَةٍ بَدَأْتَ بالعُمْرَةِ، فقلتَ: لَبَّيْكَ بِعُمْرَةٍ وحَجَّةٍ. وقال أبو الخَطَّابِ: لا يُسْتَحَبُّ ذلك. وهو اخْتِيارُ ابنِ عمرَ، وقولُ الشَّافِعِىِّ؛ لأنَّ جابِرًا قال: ما سَمَّى النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فى تَلْبِيَتِه حَجًّا، ولا عُمْرَةً (١١). وسَمِعَ ابنُ عُمَرَ رَجُلًا يقول: لَبَّيْكَ بِعُمْرَةٍ. فضَرَبَ صَدْرَهُ، وقال: تُعْلِمُه ما فى نَفْسِكَ (١٢). ولَنا، ما رَوَى أنَسٌ، قال: سمِعتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول:"لَبَّيْكَ عُمْرَةً وحَجًّا". وقال جابِرٌ: قَدِمْنَا مع النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ونحن نقولُ: لَبَّيْكَ بِالحَجِّ. وقال ابنُ عَبَّاسٍ: قَدِمَ رسولُ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصْحابُه، وهم يُلَبُّونَ بِالحَجِّ. وقال ابنُ عمرَ: بَدَأ رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأهَلَّ بِالعُمْرَةِ، ثم أهَلَّ بالحَجِّ. مُتَّفَقٌ على هذه الأحادِيثِ (١٣). وقالَ أنَسٌ:
(٨) عزاه الهيثمى إلى البزار. انظر: مجمع الزوائد ٣/ ٢٢٣. (٩) أخرجه البيهقى، فى: باب من استحب الاقتصار على تلبية رسول اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، من كتاب الحج. السنن الكبرى ٥/ ٤٥. والإمام أحمد، فى: المسند ١/ ١٧٢. (١٠) سقط من: الأصل. (١١) أخرجه البيهقى، فى: باب من قال لا يسمى فى إهلاله حجا ولا عمرة، من كتاب الحج. السنن الكبرى ٥/ ٤٠. والشافعى، انظر: باب فى الإفراد والقران والتمتع، من كتاب الحج. ترتيب مسند الشافعى ١/ ٣٧٠. (١٢) أخرجه البيهقى، فى: باب من قال لا يسمى فى إهلاله حجا ولا عمرة، من كتاب الحج. السنن الكبرى ٥/ ٤٠. (١٣) تقدم تخريج حديث أنس فى صفحة ٨٣. وحديث جابر، أخرجه البخارى، فى: باب من لبى بالحج وسماه، من كتاب الحج. صحيح البخارى ٢/ ١٧٦. ومسلم، فى: باب فى المتعة بالحج والعمرة، من كتاب الحج. صحيح مسلم ٢/ ٨٨٦.