رَهَنَ المُرْتَدَّ. وفَارَقَ المَرْهُونَ؛ لأنَّ الحَقَّ تَعَلَّقَ به بِاخْتِيَارِه، فأما فى مسْأَلَتِنَا فالحَقُّ تَعَلَّقَ به بغيرِ اخْتِيَارِه، فلم يَمْنَعْ تَصَرُّفَهُ. وهكذا كلُّ حَقٍّ ثَبَتَ من غيرِ إثْبَاتِه، كالزَّكَاةِ والجِنَايَةِ، فلا يَمْنَعُ رَهْنَهُ، فإذا رَهَنَهُ، ثم قَضَى الحَقَّ من غيرِه، فالرَّهْنُ بحَالِه، وإن لم يَقْضِ الحَقَّ، فَلِلْغُرَمَاءِ انْتِزاعُه؛ لأنَّ حَقَّهُم أسْبَقُ، والحُكْم فيه كالحُكْمِ فى الجَانِى. وهكذا الحُكْمُ لو تَصَرَّفَ فى التَّرِكَةِ، ثم رُدَّ عليه مَبِيعٌ بَاعَه المَيِّتُ بِعَيْبٍ ظَهَرَ فيه، أو حَقٌّ تجدَّدَ تَعَلُّقُه بالتَّرِكَةِ، مثل أن وَقَعَ إنْسَانٌ أو بَهِيمَةٌ فى بِئْرٍ حَفَرَهُ فى غيرِ مِلْكِه بعدَ مَوْتِه، فالحُكْمُ واحِدٌ، وهو أن تَصَرُّفَهُ صَحِيحٌ غيرُ نَافِذٍ، فإن قَضَى الحَقَّ من غيرِه نَفَذَ، وإلَّا فُسِخَ البَيْعُ والرَّهْنُ.
فصل: قال القاضى: لا يَصِحُّ رَهْنُ العَبْدِ المُسْلِمِ لِكَافِرٍ. واخْتَارَ أبو الخَطَّابِ صِحَّةَ رَهْنِه، إذا شَرَطَا كَوْنَهُ على يَدِ مُسْلِمٍ، ويَبِيعُه الحَاكِمُ إذا امْتَنَعَ مالِكهُ. وهذا أَوْلَى؛ لأنَّ مَقْصُودَ الرَّهْنِ يَحْصُلُ مِن غيرِ ضَرَرٍ.