يَشُقُّ؛ لِعُمُومِه في أَكْثَرِ البُلْدَانِ. وإن تَعَذَّرَ إذْنُ الإِمَامِ لِفِتْنَةٍ، فقال القاضي: ظَاهِرُ كلامِه صِحَّتُها بغيرِ إذْنٍ، على كِلْتَا الرِّوَايَتَيْنِ. فعلَى هذا يكونُ الإِذْنُ مُعْتَبَرًا مع إمْكانِه، ويَسْقُطُ اعْتِبَارُه بِتَعَذُّرِهِ.
فصل: ولا يُشْتَرَطُ لِلْجُمُعَةِ المِصْرُ. رُوِىَ نحوُ ذلك عن ابنِ عمرَ، وعمرَ بن عبدِ العزيزِ، والأوْزَاعِىِّ، واللَّيْثِ، ومَكْحُولٍ، وعِكْرِمَةَ، والشَّافِعِىِّ. وَرُوِىَ عن عليٍّ رَضِىَ اللهُ عنه أنَّه قال: لا جُمُعَةَ ولا تَشْرِيقَ إلَّا في مِصْرٍ جَامِعٍ (٢٠). وبه قال الحسنُ، وابنُ سِيرِينَ، وإبراهيمُ، وأبو حَنِيفَةَ، ومحمدُ بن الحسنِ؛ لأنَّه قد رُوِىَ عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه قال:"لا جُمُعَةَ ولا تَشْرِيقَ إلَّا في مِصْرٍ جَامِعٍ"(٢٠). ولَنا، ما رَوَى كَعْبُ بنُ مالِكٍ، أنَّه قال: أسْعَدُ بن زُرَارَةَ أَوَّلُ مَن جَمَّعَ بنا في هَزْمِ النَّبِيتِ من حَرَّةِ بَنِى بَيَاضَةَ، في نَقِيعٍ يقالُ له: نَقِيعُ الخَضَماتِ. رَوَاه أبو دَاوُدَ (٢١). قال ابنُ جُرَيْجٍ: قلتُ لِعَطَاءٍ: تَعْنِى إذا كان (٢٢) ذلك بِأَمْرِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال. نعم. قال الخَطَابِىُّ (٢٣): حَرَّةُ بَنِى بَيَاضَةَ قريةٌ (٢٤) على مِيلٍ من المَدِينَةِ. وعن ابنِ عَبَّاسٍ، قال: إنَّ أَوَّلَ جُمُعَةٍ جُمِّعَتْ بعدَ جُمُعَةِ المَدِينَةِ لَجُمُعَةٌ جُمِّعتْ بِجُوَاثَا (٢٥) من البَحْرَيْنِ مِن قُرَى عَبْدِ القَيْسِ. رَوَاهُ البُخَارِىُّ (٢٦). ورَوَى أبو
(٢٠) أخرجه عبد الرزاق، في: باب القرى الصغار، من كتاب الجمعة، موقوفًا على على. مصنف عبد الرزاق ٣/ ١٦٧، ١٦٨. وابن أبي شيبة، في: باب من قال لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع، من كتاب الصلوات، موقوفا على على. مصنف ابن أبي شيبة ٢/ ١٠١. وانظر نصب الراية ٢/ ١٩٥. (٢١) تقدم تخريجه في صفحة ٢٠٥. (٢٢) في أ: "أكان". (٢٣) في معالم السنن ١/ ٢٤٥. (٢٤) سقط من: الأصل. (٢٥) في أ، م: "بجراثى" تحريف. وجواثاء، يمد ويقصر: حصن لعبد القيس بالبحرين. معجم البلدان ٢/ ١٣٦. (٢٦) في: باب الجمعة في القرى والمدن، من كتاب الجمعة، وفى: باب وفد عبد القيس، من كتاب المغازى. صحيح البخاري ٢/ ٦، ٥/ ٢١٣. كما أخرجه أبو داود، في: باب الجمعة في القرى، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود ١/ ٢٤٦.