وجُمْلَةُ ذلك أنَّه إذا نَجَّاهُ (١)، وأزالَ عنه النَّجاسَةَ، بَدَأَ بعدَ ذلك فَوَضَّأَهُ وُضُوءَ الصَّلَاةِ، فَيَغْسِلُ كَفَّيْهِ، ثم يَأْخُذُ خِرْقَةً خَشِنَةً فَيَبُلُّها ويَجْعَلُهَا على أُصْبُعِهِ، فيَمْسَحُ أسْنَانَهُ وأَنْفَهُ، حتى يُنَظِّفَهما، ويكونُ ذلك في رِفْقٍ، ثم يَغْسِلُ وَجْهَهُ، ويُتِمُّ وُضُوءَهُ، لأنَّ الوُضُوءَ يُبْدَأُ به في غُسْلِ الحَىِّ، وقد قال رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِلنِّسَاءِ اللَّاتِى غَسَّلْنَ ابْنَتَهُ:"ابْدَأْنَ بَمَيامِنِهَا، ومَوَاضِعِ الوُضُوءِ مِنْهَا". مُتَّفَقٌ عليه (٢). وفي حَدِيثِ أُمِّ سُلَيْمٍ:"فإذا فَرَغْتِ مِنْ غَسْلِ سِفْلَتِهَا غَسْلًا نَقِيًّا بِمَاءٍ وسِدْرٍ، فَوَضِّئِيهَا وُضُوءَ الصَّلَاةِ، ثم اغْسِلِيهَا"(٣). ولا يُدْخِلُ الماءَ فَاهُ، ولا مَنْخِرَيْهِ، في قولِ أكْثَرِ أهْلِ العِلْمِ. كذلك قال سَعِيدُ بن جُبَيْرٍ، والنَّخَعِىُّ، والثَّوْرِىُّ، وأبو حنيفةَ. وقال الشَّافِعِىُّ: يُمَضْمِضُه ويُنْشِقُه كما يَفْعَلُ الحَىُّ. ولَنا، أنَّ إدْخالَ الماءِ فَاهُ وأنْفَهُ لا يُؤْمَنُ معه وُصُولُه إلى جَوْفِه، فيُفْضِى إلَى المُثْلَةِ بهِ، ولا يُؤْمَنُ خُرُوجُه في أكْفَانِهِ.