من حَدِيثِه شيئًا لِضَعْفِه، لأنَّه اخْتَلَطَ، ومنهم مَن يَقْبَلُ منه ما رَوَاهُ عن ابْنِ أبي ذِئْبٍ خَاصَّةً، ثم يُحْمَلُ على مَن خِيفَ عليه الانْفِجَارُ، وتَلْوِيثُ المَسجدِ.
فصل: فأمَّا الصلاةُ على الجِنَازَةِ في المَقْبَرَةِ، [فعن أحمدَ فيها (٢٦) رِوَايتانِ. إحْداهُما: لا بَأْسَ بها؛ لأنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- صَلَّى على قَبْرٍ وهو في المَقْبَرَةِ] (٢٧). قال ابنُ المُنْذِرِ: ذَكَرَ نَافِعٌ أنَّه صُلِّىَ على عائشةَ وأُمِّ سَلَمَةَ وَسَطَ قُبُورِ البَقِيعِ. صَلَّى على عائشةَ أبو هُرَيْرَةَ، وحَضَرَ ذلك ابنُ عمرَ (٢٨). وَفَعَلَ ذلك عمرُ بن عبدِ العزِيزِ. والرِّوايةُ الثَّانِيَةُ: يُكْرَهُ ذلك. ورُوِىَ ذلك عن عليٍّ، وعبدِ اللهِ بنِ عمرَ، وابنِ الْعَاصِ، وابنِ عَبَّاسٍ، وبه قال عَطاءٌ، والنَّخَعِيُّ، والشَّافِعِيُّ، وإسْحاقُ، وابنُ المُنْذِرِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وَالْأَرْضُ كُلُّها مَسْجِدٌ إلَّا المَقْبَرَةَ والحَمَّامَ"(٢٩). ولأنَّه ليس بِمَوْضِعٍ لِلصَّلَاةِ غير صَلَاةِ الجِنَازَةِ فكُرِهَتْ فيه [صلاةُ الجِنَازَةِ](٣٠)، كالحَمَّامِ.
وجُمْلَةُ ذلك أنَّ المَسْبُوقَ ببعضِ (١) الصلاةِ في الجِنازَةِ يُسَنُّ له قَضاءُ ما فاتَهُ منها. ومِمَّنْ قال: يَقْضِى ما فَاتَهُ، سَعِيدُ بن المُسَيَّبِ، وعَطَاءٌ، والنَّخَعِيُّ،
(٢٦) في الأصل: "فيه". (٢٧) سقط من: أ. ويأتى تخريج الأحاديث الدالة على ذلك في المسألة ٣٧٠. (٢٨) أخرجه عبد الرزاق، في: باب هل يصلى على الجنازة وسط القبور، من كتاب الجنائز. المصنف ٣/ ٥٢٥. (٢٩) تقدم تخريجه في ٢/ ٤٦٨، ٤٦٩. (٣٠) في الأصل: "الصلاة". (١) في أ، م: "بتكبير".