المَشهورُ في المذهبِ أنَّه مَتَى رَأى الهِلالَ وَاحِدٌ لَزِمَهُ الصِّيامُ، عَدْلًا كان أو غيرَ عَدْلٍ، شَهِدَ عندَ الحَاكِمِ أو لم يَشْهَدْ، قُبِلَتْ شَهادَتُه أو رُدَّتْ. وهذا قولُ مالِكٍ، واللَّيْثِ، والشَّافِعِيِّ، وأصْحابِ الرَّأْي، وابنِ المُنْذِرِ. وقال عَطاءٌ، وإسحاقُ: لا يَصُومُ. وقد رَوَى حَنْبَلٌ عن أحمدَ: لا يَصُومُ إلَّا في جَماعَةِ النَّاسِ. ورُوِيَ نَحْوُه عن الحسنِ وابْنِ سِيرِينَ؛ لأنَّه يَوْمٌ مَحْكُومٌ به من شعبانَ، فأشْبَهَ التَّاسِعَ والعِشْرِينَ. ولَنا، أنَّه تَيَقَّنَ (١) أنَّه مِن رمضانَ فلَزِمَهُ صومُه، كما لو حَكَمَ به الحاكِمُ. وكَوْنُه مَحْكُومًا به من شعبانَ ظَاهِرٌ في حَقِّ غيرِه، وأمَّا في الباطِنِ فهو يَعْلَمُ أنَّه مِن رمضانَ، فلَزِمَهُ صِيامُه كالعَدْلِ.
فصل: فإن أفْطَرَ ذلك اليَوْمَ بِجِمَاعٍ، فعليه الكَفَّارَةُ. وقال أبو حنيفةَ: لا تَجِبُ؛ لأنَّها عُقُوبَةٌ، فلا تَجِبُ بِفِعْلٍ مُخْتَلَفٍ فيه، كالحَدِّ. ولَنا، أنَّه أفْطَرَ يَوْمًا من رمضانَ بِجِمَاعٍ، فوجَبَتْ (٢) عليه الكَفَّارَةُ، كما لو قُبِلَتْ شَهادَتُه، ولا نُسَلِّمُ أنَّ الكَفَّارَةَ عُقُوبَةٌ، ثم قِيَاسُهم يَنْتَقِضُ بِوُجُوبِ الكَفَّارَةِ في السَّفَرِ القَصِيرِ، مع وُقُوعِ الخِلافِ فيه.