فصل: ويُسْتَحَبُّ قَضاءُ الفَوَائِتِ في جماعةٍ؛ فإنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يومَ الخَنْدَقِ فاتَهُ أربعُ صلواتٍ فقضاهُنَّ في جماعةٍ (٦٣)، وحديثُ أبي قتادَة (٦٤) وغيرِهِ، حين نَامَ (٦٥) رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يومَ الخَنْدَقِ عن صلاةِ الفجرِ هو وأصحابُهُ، فَصَلَّى بهمْ جماعةً، ولا يَلْزَمُهُ القضاءُ أكْثَرَ مِن مَرَّةٍ عند اسْتِيقَاظِهِ، أو ذكْرِهِ لها؛ لأنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لمْ يُنْقَلْ عنهُ أنه قَضَى غيرَ مَرَّةٍ، وقال عليهِ السلامُ:"مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا (٦٦) ". لم يَزِدْ على ذلكَ، وقد رَوَى عِمْرانُ بنُ حُصَيْنٍ، قال: سِرْنَا مع رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فعَرَّسَ بنا مِنَ السَّحَرِ، فمَا اسْتَيْقَظنَا إلَّا بِحَرِّ الشمسِ؛ قالَ: فقَامَ القومُ دَهِشِينَ مُسْرعِينَ؛ لما فَاتَهُمْ مِن صلاتِهِمْ، فقالَ النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ارْكَبُوا". فرَكِبْنا، فسِرْنَا حتى طَلَعَتِ الشمسُ، ثم نَزَلَ وَنزَلْنَا، وقضَى القومُ مِنْ حَوَائِجهِمْ، وتوَضَّأُوا، فأمَرَ بِلالًا، فأذَّنَ، وصَلَّى ركْعَتَىِ الفجرِ، وصلَّيْنَا، ثم أمَرَهُ فَأَقَامَ، فصَلَّى بنا، فَقُلْنَا: يا رسولَ اللَّه، ألا نُصَلِّى هذه الصلاةَ لوقْتِهَا؟ قالَ:"لَا، لَا يَنْهَاكُم اللهُ عَنِ الرِّبَا ويَقْبَلُهُ مِنْكُمْ". رَوَاهُ الأثْرَمُ (٦٧)، واحْتَجَّ بهِ أحمدُ.
فصل: ومَنْ أسْلَمَ في دَارِ الحَرْبِ، فتَرَكَ صَلَواتٍ، أو صِيَامًا لا يَعْلَمُ وجوبَهُ، لزِمَهُ قضاؤُه. وبذلكَ قالَ الشَّافعيُّ. [وعندَ أبي حنيفة](٦٨) لا يَلْزَمُهُ. ولَنا، أنَّها
(٦٢) في الأصل: "الفريضة". (٦٣) تقدم في صفحة ٣٣٦. (٦٤) تقدم قريبا. (٦٥) في م: "قام". تحريف. (٦٦) تقدم في صفحة ٣٤٢. (٦٧) كما روى نحوه البخاري ومسلم، وتقدم تخريجه قريبا. (٦٨) في الأصل: "وقال أبو حنيفة".