لَبُونٍ، فأَخْرَجَ حِقَّةً فى الزّكاةِ، فأمَّا بَيْعُها، فظاهِرُ كلامِ الْخِرَقِىِّ، أنَّه لا يَجُوزُ. وقال القاضِى: يجوزُ أَنْ يَبِيعَها، ويَشْتَرِىَ خَيْرًا منها. وهو قولُ عَطاءٍ، ومُجاهِدٍ، وأبى حَنِيفَةَ؛ لما ذكرْنا من حديثِ بُدْنِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإشْراكِه فيها، ولأنَّ مِلْكَه لم يَزُلْ عنها، بدَلِيلِ جوازِ إبْدالِها، ولأَنَّها عَيْنٌ يجوزُ إبْدالُها، فجازَ بَيْعُها، كما قبلَ إيجابِها. ولَنا، أنَّه جَعَلَها للَّه تعالى، فلم يجُزْ بيعُها، كالوَقْفِ، وإنَّما جازَ إبْدالُها بجنْسِها؛ لأنَّه لم يَزُل الحَقُّ فيها عن جِنسِها، وإنَّما انْتَقَلَ إلى خيرٍ منها، فكأنَّه فى المَعْنَى ضَمُّ زيادَةٍ إليها، وقد جازَ إبْدَالُ المُصْحَفِ، ولم يجُزْ بَيْعُه. وأمَّا حَدِيثُ البُدْنِ (٤)، فالظَّاهِرُ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يَبِعْها، وإنَّما شَرَكَ عليًّا فى ثَوابها وأجْرِها. ويَحْتَمِلُ أَنَّ ذلك كان قبلَ إيجابِها. وقولُ الْخِرَقِىِّ: بخَيْرٍ منها. يدُلُّ على أنَّه لا يجُوزُ بِدُونِها، ولا خِلافَ فى هذا؛ لأنَّه تَفْوِيتُ جُزءٍ منها، فلم يجُزْ، كإتْلافِه. وأنَّه لا يجوزُ بمثلِها؛ لعَدَمِ الفائِدَةِ فى هذا. وقال القاضِى: فى إبدالِها بمِثْلِها احْتِمالان؛ أحدُهما، جَوازُه؛ لأنَّه لا ينْقُصُ مِمَّا وَجَبَ عليه شىء. ولَنا، أنَّه يُغَيِّرُ ما أَوْجَبَه لغيرِ فائِدَةٍ، فلم يجُزْ، كإبْدالِه بما دُونِها.