وغَفَرَ لِمَيِّتِكَ. وعن كافِرٍ: أَخْلَفَ اللهُ عليك، ولا نَقَصَ عَدَدَكَ، ويَقْصِدُ زِيادةَ عَدَدِهم لِتَكْثُرَ جِزْيَتُهُم. وقال أبو عبدِ اللهِ ابن بَطَّةَ، يقولُ: أعْطَاكَ اللهُ على مُصِيبَتِكَ أفضلَ ما أعْطَى أحَدًا مِن أهلِ دِينِكَ. فأمَّا الرَّدُّ مِن المُعَزَّى، فبَلَغَنا عن أحمدَ بن الحسينِ، قال: سمعتُ أبا عبدِ اللهِ، وهو يُعَزَّى في عَبْثَرٍ ابنِ عَمِّه، وهو يقولُ: اسْتَجابَ اللهُ دُعاكَ، ورَحِمَنا وإيَّاكَ.
فصل: قال أبو الخَطَّابِ: يُكْرَهُ الجُلُوسُ لِلتَّعْزِيَةِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يُكْرهُ الاجْتِماعُ بعدَ خُرُوجِ الرُّوحِ؛ لأنَّ فيه تَهْيِيجًا لِلحُزْنِ. وقال أحمدُ: أكْرَهُ التَّعْزِيَةَ عندَ القَبْرِ، إلَّا لِمَنْ لم يُعَزِّ، فَيُعَزِّى إذا دُفِنَ المَيِّتُ، أو قبلَ أن يُدْفَنَ. وقال: إن شِئْتَ أخَذْتَ بِيَدِ الرَّجُلِ في التَّعْزِيَةِ، وإن شِئْتَ لم تَأْخُذْ. وإذا رَأى الرَّجُلَ قد شَقَّ ثَوْبَه على المُصِيبَةِ عَزَّاهُ، ولم يَتْرُكْ حَقًّا لِباطِلٍ، وإن نَهَاهُ فحَسَنٌ.
أمَّا البُكاءُ بِمُجَرَّدِهِ فلا يُكْرَهُ في حالٍ. وقال الشَّافِعِىُّ: يُباحُ إلى أن تَخْرُجَ الرُّوحُ، ويُكْرَهُ بعدَ ذلك؛ لما رَوَى عبدُ اللهِ (١) بن عَتِيكٍ قال: جاءَ رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى عبدِ اللهِ بن ثابِتٍ يَعُودُه، فوَجَدَه قد غُلِبَ فصاحَ به فلم يُجِبْهُ، فاسْتَرْجَعَ، وقال:"غُلِبْنَا عَلَيْكَ أَبَا الرَّبيعِ". فصَاحَ النِّسْوَةُ، وبَكَيْنَ، فجَعَلَ ابنُ عَتِيكٍ يُسْكِتُهُنَّ. فقال له النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "دَعْهُنَّ، فَإِذَا وَجَبَ فَلَا تَبْكِيَنَّ بَاكِيَةٌ"(٢). يعني إذا ماتَ. ولَنا، ما رَوَى أَنَسٌ، قال: شَهِدْنا بنتَ رسولِ اللهِ
= من كتاب الجنائز. سنن أبي داود ٢/ ١٦٤. والإِمام أحمد، في: المسند ٣/ ١٧٥، ٢٢٧، ٢٨٠. (١) في مصادر تخريج الحديث أنه جابر بن عتيك. (٢) أخرجه أبو داود، في: باب في فضل من مات بالطاعون، من كتاب الجنائز. سنن أبي داود ٢/ ١٦٧. والنسائي، في: باب النهى عن البكاء على الميت، من كتاب الجنائز. المجتبى ٤/ ١٢. والإِمام مالك، في: =