وجملَتُه أَنَّ الذين تُقْبَلُ منهم الجِزْيَةُ صِنْفان؛ أهْلُ كتابٍ، ومَنْ له (١) شُبْهَةُ كتابٍ، فأَهْلُ الكتابِ اليهودُ والنَّصارَى ومَنْ دانَ بدِينِهم، كالسَّامِرَةِ (٢) يَدينُون بالتَّوْراةِ، ويعْمَلون بشريعَةِ مُوسَى [عليه السَّلامُ](٣)، وإنّما خالَفُوهم فى فُروعِ دِينِهم، وفِرَقِ النَّصارَى من اليَعْقُوبِيَّةِ (٤)، والنَّسْطورِيّةِ (٥)، والمَلْكِيَّةِ (٦)، والفِرِنْجِ (٧)، والرُّومِ، والأرْمَنِ، وغيرِهم، ممَّن دانَ بالإِنْجيلِ، وانْتَسَبَ إلى عيسَى [عليه السلام](٣)، والعملِ بشَريعَتِه، فكلُّهم من أهلِ الإِنْجِيلِ، ومَنْ عَدَا هؤلاء من الكُفَّارِ، فليس من أهلِ الكِتَابِ؛ بدليلِ قولِ اللَّه تعالَى:{أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا}(٨). واخْتَلَفَ أهلُ العلمِ فى الصَّابِئِين (٩)، فرُوِىَ عن أحمدَ أَنَّهم جِنْسٌ من النَّصارَى. وقال فى موضعٍ آخَرٍ: بَلَغَنِى أنَّهُم يُسْبِتُون، فهؤلاءإذا أسْبَتُوا (١٠) فهم من اليهودِ. ورُوِىَ عن عمرَ، أنَّه
(١) فى أ: "لهم". (٢) السامرة: قوم يسكنون جبال بيت المقدس وقرى من أعمال مصر، ويتقشفون فى الطهارة أكثر من تقشف سائر اليهود. الملل والنحل ١/ ٥١٤، ٥١٥. (٣) سقط من: الأصل، أ، ب. (٤) اليعقوبية: أصحاب يعقوب بن عالى، قالوا بالأقانيم الثلاثة، إلا أنهم قالوا: انقلبت الكلمة لحما ودما، فصار الإله هو المسيح، وهر الظاهر بجسده، بل هو هو. الملل والنحل ١/ ٥٤١. (٥) النسطورية: أصحاب نسطور الحكيم، الذى ظهر فى زمان المأمون، وتصرف فى الأناجيل بحكم رأيه، وقال: إن اللَّه تعالى واحد، ذو أقانيم ثلاثة؛ الوجود، والعلم، والحياة. الملل والنحل ١/ ٥٣٥. (٦) كذا فى النسخ. وفى الملل والنحل ١/ ٥٢٩: الملكانية: أصحاب ملكا، الذى ظهر بأرض الروم، واستولى عليها، قالوا: إن الكلمة اتحدت بجسد المسيح، وتدرعت بناسوته، ويعنون بالكلمة: أقنوم العلم، ويعنون بروح القدس: أقنوم الحياة. (٧) فى م: "والفرنجة". (٨) سورة الأنعام ١٥٦. (٩) قال الشهرستانى: مدار مذهب الصابئة على التعصب للروحانيين، ويدَّعون أن مذهبهم الاكتساب، والحنفاء تَدَّعى أن مذهبها هو الفطرة. الملل والنحل ٢/ ٦٦٩، ٦٧٠. (١٠) فى م: "سبتوا".