ولا تَوْقِيفَ في عَدَدِ مَن يَدْخُلُ القَبْرَ. نَصَّ عليه أحمدُ، فعلى هذا يكونُ عَدَدُهم على حَسَبِ حال المَيِّتِ وحاجَتِه، وما هو أسْهَلُ في أمْرِه. وقال القاضي: يُسْتَحَبُّ أن يكونَ وِتْرًا؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ألْحَدَهُ ثلاثةٌ، ولَعَلَّ هذا كان اتِّفَاقًا أو لِحَاجَتِهِم إليه. وقد رَوَى أبو دَاوُدَ، عن أبي مُرَحِّب، أنَّ عبدَ الرحمنِ بنَ عَوْفٍ نَزَلَ في قَبْرِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال: كأَنِّى أنْظُرُ إليهم أرْبَعَةً (٩). وإذا كان المُتَوَلِّى فَقِيهًا كان حَسَنًا؛ لأنَّه مُحْتَاجٌ (١٠) إلى مَعْرِفَةِ ما يَصْنَعُه في القَبْرِ.
أمَّا شَقُّ الكَفَنِ فغيرُ جَائِزٍ؛ لأنَّه إتْلافٌ مُسْتَغْنًى عنه، ولم يَرِدِ الشَّرْعُ به، وقد قال النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذَا كَفَّنَ أحَدُكُمْ أخَاهُ فَلْيُحْسِنْ كَفَنَهُ". [رَوَاهُ مُسْلِمٌ](١). وتَخْرِيقُه يُتْلِفُه، ويَذْهَبُ بِحُسْنِه. وأمَّا حَلُّ العُقَدِ مِن عند رَأْسِه ورِجْلَيْه، فَمُسْتَحَبٌّ؛ لأنَّ عَقْدَها كان لِلْخَوْفِ مِن انْتِشَارِهَا، وقد أُمِنَ ذلك بدَفْنِه. وقد رُوِىَ أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لمَّا أدْخَلَ نُعَيْمَ بن مسعودٍ الأشْجَعِىَّ القَبْرَ نَزَعَ الأخِلَّةَ بِفِيهِ (٢). وعن ابنِ مسعودٍ، وسَمُرَةَ بن جُنْدَبٍ نحوُ ذلك.
(٩) في: باب كم يدخل القبر؟ ، من كتاب الجنائز. سنن أبي داود ٢/ ١٩٠. (١٠) في الأصل: "يحتاج". (١) سقط من: الأصل، أ، وأخرجه مسلم، في: باب في تحسين كفن الميت، من كتاب الجنائز. صحيح مسلم ٢/ ٦٥١. كما أخرجه أبو داود، في: باب في الكفن، من كتاب الجنائز. سنن أبي داود ٢/ ١٧٦. والترمذي، في: باب منه، من أبواب الجنائز. عارضة الأحوذى ٤/ ٢١٧. والنسائي، في: باب الأمر بتحسين الكفن، من كتاب الجنائز. المجتبى ٣/ ٢٨. وابن ماجه، في: باب ما جاء فيما يستحب من الكفن، من كتاب الجنائز ١/ ٤٧٣. والإِمام أحمد، في: المسند ٣/ ٢٩٥، ٣٢٩، ٣٤٩، ٣٧٢. (٢) أخرجه البيهقي، في: باب عقد الأكفان عند خوف الانتشار وحلها إذا أدخلوه القبر، من كتاب الجنائز. السنن الكبرى ٣/ ٤٠٧.