وهى جائِزَةٌ بالكِتابِ والسُّنَّةِ والإِجْماعِ؛ أمَّا الكِتابُ فقولُ اللهِ تعالى:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا}(١). فجَوَّزَ العَمَلَ عليها، وذلك بحُكْمِ النِّيَابةِ عن المُسْتَحِقِّينَ، وأيضا قولُه تعالى:{فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ}(٢). وهذه وَكَالةٌ. وأما السُّنَّةُ، فرَوَى أبو دَاوُدَ، والأَثْرَمُ، وابنُ مَاجَه (٣)، عن الزُّبَيْرِ بن الْخِرِّيتِ، عن أبي لَبِيدٍ لِمَازَةَ بن زَبَّارٍ، عن عُرْوَةَ بن الجَعْدِ قال: عَرَضَ للنَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- جَلَبٌ، فأعْطَانِى دِينَارًا، فقال:"يَا عُرْوَةُ، ائْتِ الجَلَبَ، فَاشْتَرِ لَنَا شَاةً". قال: فأتَيْتُ الجَلَبَ، فسَاوَمْتُ صَاحِبَه، فاشْتَرَيْتُ شَاتَيْنِ بِدِينَارٍ، فجِئْتُ أسُوقُهُما، أو أقُودُهُما، فلَقِيَنِى رَجُلٌ بالطَّرِيقِ، فسَاوَمَنِى، فَبِعْتُ منه شَاةً بِدِينَارٍ، فأتَيْتُ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بالدِّينارِ وبالشَّاةِ (٤). فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، هذا دِينَارُكم، وهذه شَاتُكم. قال:"وصَنَعْتَ كَيْفَ؟ ". قال: فحَدَّثْتُه الحَدِيثَ. قال:"اللَّهُمَّ بارِكْ لَهُ في صَفْقَةِ يَمِينِه". هذا لَفْظُ رِوَايةِ الأَثْرَمِ. ورَوَى أبو دَاوُدَ (٥)، بإسْنادِه عن جابِرِ بن عبدِ اللَّه، قال: أرَدْتُ الخُرُوجَ إلى خَيْبَر، فأتَيْتُ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقلتُ له (٦): إنِّي أرَدْتُ الخُرُوجَ إلى خَيْبَرٍ. فقال: "ائْتِ وَكِيلِى، فَخُذْ مِنْهُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَسْقًا، فَإنِ ابْتَغَى مِنْكَ آيةً، فَضَعْ يَدَكَ
(١) سورة التوبة ٦٠. (٢) سورة الكهف ١٩. (٣) تقدم تخريجه في: ٦/ ٢٩٥. (٤) في الأصل: "والشاة". (٥) في: باب في الوكالة، من كتاب الأقضية. سنن أبي داود ٢/ ٢٨٢. (٦) سقط من: الأصل.