زُهَيْرُ بنُ مُحَمَّدٍ (١٤). وقال البُخَارِىُّ: يَرْوِى مَنَاكِيرَ (١٥)، وقال أبو حاتِمٍ الرَّازِيُّ: هذا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ. وسأل الأثْرَمُ أحمدَ عن هذا الحديثِ؟ فقال:(١٦) يقولُ هشامٌ (١٧): كَان يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً يُسْمِعُنَا. قيل له: إنهم مُخْتَلِفُونَ فيه عن هشامٍ، وبَعْضُهُم يقول: تَسْلِيمًا. وبعضُهم يقولُ: تَسْلِيمَةً. قال: هذا أجْودُ. فقد بَيَّنَ أحمدُ أنَّ معنَى الحديثِ يَرْجِعُ إلى أنَّه يُسْمِعُهم التَّسْلِيمَةَ الواحدَةَ، ومَنْ رَوَى: تَسْلِيمًا. فلا حُجَّةَ لهم فيه، فإنَّه يَقَعُ على الواحِدَةِ والثِّنْتَيْنِ. على أنَّ أحادِيثَنا تَتَضَمَّنُ زِيَادَةً على أحادِيثِهِم، والزِّيَادَةُ مِن الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ. ويَجُوزُ أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَعَلَ الأمْرَيْنِ؛ لِيُبَيِّنَ الجائِزَ والمَسْنُونَ، ولأَنَّ الصلاةَ عِبَادةٌ ذَاتُ إحْرَامٍ وإحْلَالٍ، فجازَ أنْ يكونَ لها تَحَلُّلَانِ كالحَجِّ.
فصل: والواجبُ تَسْلِيمَةٌ واحِدَةٌ، والثانِيَةُ سُنَّةٌ. قال ابْنُ المنذِرِ: أجْمعَ كلُّ منْ أحْفَظُ عنه مِنْ أهْلِ العِلْمِ، أنَّ صلاةَ مَن اقْتَصَرَ على تَسْلِيمَةٍ واحِدَةٍ، جائِزَةٌ. وقال القاضي فيه روَاية أُخْرَى، أن الثانيةَ واجِبَةٌ. وقال: هي أصَحُّ؛ لحديثِ جابرِ بنِ سَمُرَةَ، ولأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يَفْعَلُها ويُدَاوِمُ عليها، ولأنَّها عبَادَةٌ لها تَحَلُّلَانِ، فكانا واجِبَيْنِ، كَتَحَلُّلَىِ الحَجِّ، ولأنَّها إحْدَى التَّسْلِيمَتَيْنِ، فكانت واجِبَةً كالأُولَى. والصَّحِيحُ ما ذكرْناهُ. وليس نَصُّ (١٨) أحمدَ بصَرِيحٍ بوجوبِ التَّسْلِيمَتَيْنِ، إنَّما قال: التَّسْلِيمَتَانِ أصَحُّ عن رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وحديثُ ابْنِ مسعودٍ وغيرِهِ أذهبُ إليه. ويجُوزُ أنْ يَذهبَ إليهِ في المَشْرُوعِيَّةِ والاستحبابِ، دُونَ
= والثانى أخرجه مسلم، في: باب الأمر بالسكون في الصلاة. . . إلخ، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم ١/ ٣٢٢. والنسائي، في: باب موضع اليدين عند السلام، من كتاب السهو. المجتبى ٣/ ٥٢. (١٤) أبو المنذر زهير بن محمد التميمي العنبري الخراساني. (١٥) لفظ البخاري: روى عنه أهل الشام أحاديث مناكير. التاريخ الكبير ٢/ ١/ ٤٢٧. (١٦) في م زيادة: "كان". (١٧) أي هشام بن عروة، كما ورد في سند الحديث. (١٨) في الأصل: "عن".