اخْتَلَفَ (١) عن أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، في وَطْءِ المُسْتَحَاضَةِ، فرُوِى ليس له وَطْؤُها إلَّا أنْ يَخَافَ على نَفْسِهِ الوُقُوعَ في مَحْظُورٍ. وهو مذهبُ ابنِ سِيرِينَ، والشَّعْبِىِّ، والنَّخَعِىِّ، والحاكِمِ (٢)؛ لِما رَوَى الخَلَّالُ، بإسْنَادِه، عن عائشةَ، أنَّها قالتْ: المُسْتَحَاضَةُ لا يَغْشَاها زَوْجُها (٣). ولأنَّ بها أذًى، فيَحْرُمُ وَطْؤُها كالحائِضِ؛ فإنَّ اللَّه تعالى مَنَعَ وَطْءَ الحائِضِ مُعَلِّلًا بالأذَى بِقولِه:{قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ}. أمَرَ باعْتِزَالِهِنَّ عَقِيبَ الأذَى مَذْكُورًا بفاءِ التَّعْقِيبِ، ولِأنَّ الحُكْمَ إذا ذُكِرَ مع وَصْفٍ يَقْتَضِيه ويَصْلُحُ له، عُلِّلَ به، كقولِه تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ
(٣) سورة البقرة ٢٢٢. (٤) لم يرد في م: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ}. (٥) سورة النساء ٦. (١) أي: النقل. (٢) أبو عبد اللَّه محمد بن عبد اللَّه بن محمد النيسابورى، ابن البيع، الشافعي الحاكم الحافظ، صاحب التصانيف في علوم الحديث، توفى سنة خمس وأربعمائة. طبقات الشافعية الكبرى ٤/ ١٥٥ - ١٧١. (٣) أخرجه البيهقى، في: باب صلاة المستحاضة واعتكافها. . . إلخ، من كتاب الحيض. السنن الكبرى ١/ ٣٢٩.