الأصْلُ في جَوَازِ الإِجَارَةِ الكِتَابُ والسُّنَّةُ، والإِجْمَاعُ. أمَّا الكِتَابُ، فقولُ اللَّه تعالى:{فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}(١). وقال تعالى: {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (٢٦) قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ} (٢). ورَوَى ابنُ ماجَةَ في "سُنَنِه"(٣) عن عُتْبَةَ بن النُّدَّر، قال: كُنَّا عند رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فَقَرأَ:{طس} حتى إذا بَلَغَ قِصَّةَ موسى، قال:"إنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ آجَرَ نَفسَه ثَمَانِىَ حِجَجٍ، أوْ عَشْرًا، عَلَى عِفَّةِ فَرْجِه، وطَعَامِ بَطْنِه". وقال اللهُ تعالى:{فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا}(٤). وهذا يَدُلُّ على جَوَازِ أخْذِ الأجْرِ على إِقَامَتِه. وأمَّا السُّنَّةُ، فَثَبَتَ أنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأبا بَكرٍ، اسْتَأْجَرَا رَجُلًا من بَنِى الدِّيلِ هادِيا خِرِّيتًا (٥). ورَوَى البُخَارِيُّ، عن أبي هُرَيْرةَ، أنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "قَالَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ: ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ؛ رَجُلٌ أعْطَى بِى ثم غَدَرَ، ورَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فأكَلَ ثَمَنَهُ، ورَجُلٌ
(١) سورة الطلاق ٦. (٢) سورة القصص ٢٦، ٢٧. (٣) في: باب إجارة الأجير على طعام بطنه، من كتاب الرهون. سنن ابن ماجه ٢/ ٨١٧. (٤) سورة الكهف ٧٧. (٥) الخريت: هو الماهر بالهداية. والحديث أخرجه البخاري، في: باب استئجار المشركين عند الضرورة. . ., وباب إذا استأجر أجيرًا ليعمل له بعد ثلاثة أيام. . ., من كتاب الإِجارة، وفي: باب هجرة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه إلى المدينة، من كتاب مناقب الأنصار. صحيح البخاري ٣/ ١١٦، ٥/ ٧٦.