ذلك، ولأنَّها تَنْفَرِدُ عن البَيْعِ باسْمِها وأحْكامِها، فلم تكُنْ بَيْعًا، كسائرِ العُقودِ، وفائدةُ الخلافِ، أنَّها إذا لم تكُنْ بَيْعًا، جازتْ قِسْمَةُ الثِّمارِ خَرْصًا (٣٤)، والمَكيلِ وَزْنًا، والمَوْزونِ كَيْلًا، والتَّفَرُّقُ قبلَ القَبْضِ فيما يُعْتَبرُ فيه القَبْضُ في البَيْعِ، ولا يَحْنَثُ إذا حلفَ لا يَبِيعُ بها، وإذا كان العَقارُ أو نِصْفُه وَقفًا، جازتِ القِسْمَةُ، وإن قُلْنا: هى بَيْعٌ. انْعَكسَتْ هذه الأحْكامُ، هذا إذا خَلَتْ من الرَّدِّ، فإن كان فيها ردُّ عوَضٍ، فهى بَيْعٌ؛ لأنَّ صاحبَ الرَّدِّ يبْذُلُ المالَ عِوَضًا عَمَّا يَحْصُلُ (٣٥) له من مالِ شَرِيكِه، وهذا هو البَيْعُ. فإن فَعَلا ذلك في وَقْفٍ، لم يَجُزْ، لأنَّ بيعَه غيرُ جائزٍ، وإنْ كان بعضُه وَقْفًا، وبعضُه طِلْقًا، والرَّدُّ من صاحبِ الطَّلْقِ، لم يَجُزْ؛ لأنَّه يَشْترِى بعضَ الوَقْفِ، وإن كان مِن أهلِ الوَقْفِ، جاز، لأنَّهم يَشْتَرون بعضَ الطَّلْقِ، وذلك جائزٌ.
فصل: وتُقْبَلُ شَهادةُ القاسمِ بالقِسْمَةِ إذا كان مُتبرِّعًا، ولا تُقْبَلُ إذا كان بأُجْرَةٍ. وبهذا قال الإصْطَخْرِىُّ. وقال أبو حنيفةَ: تُقْبَلُ، وإن كان بأُجْرَةٍ؛ لأنَّه لا يَلْحَقُه تُهْمَةٌ، فقُبِلَ قولُه، كالمُرْضِعَةِ. وقال الشَّافعىُّ: لا تُقْبَلُ؛ لأنَّه شَهِدَ على فِعْلِ نفسِه الذى يُوجِبُ تَعْدِيلَه، فلم تُقْبَلْ، كشَهادةِ القاضِي المَعْزُولِ على حُكْمِه. ولَنا، أنَّه شَهِدَ بما لا نَفْعَ له فيه، فقُبِلَ، كالأجْنَبِىِّ. وإذا كان بأُجْرَةٍ، لم يُقْبَلْ، لأنَّه مُتَّهمٌ، لكَوْنِه يُوجِبُ الأُجْرَةَ لنفسِه، [وهذا نَفْعٌ، فتكونُ شهادتُه لنَفْسِه](٣٦). وقولُ الشافعيِّ: إنَّه يُوجِبُ تعديلَه. مَمْنُوعٌ، ولا نُسَلِّمُ لهم ما ذكَرُوه في الحُكْمِ (٣٧).