به أحمدُ، ورَواهُ أبو بكرٍ النَّجَّادُ، بإسْنَادِهِ. ولأنَّ ما لا يُبْطُل الصَّلاةَ ابْتِداءً لا يُبْطِلُها إذا أتَى به عَقِيبَ سَبَبٍ، كالتَّسْبِيحِ لِتَنْبِيهِ إمامِه. قال الخَلَّالُ: اتَّفَقَ الجميعُ، عن أبي عبدِ اللهِ، على أنه - يَعْنِى العاطِسَ - لا يَرْفَعُ صَوْتَه بالحمدِ، وإن رفَع فلا بَأْسَ؛ بدليلِ حديثِ الأنْصاريِّ. وقال أحمدُ، في الإمامِ يقولُ: لا إلهَ إلَّا اللهُ. فيقولُ مَن خَلْفَه: لا إله إلَّا اللَّه. يَرْفَعُونَ بها أصْواتَهم، قال: يقولون، ولكن يُخْفُونَ ذلك في أَنْفُسِهم. وإنَّما لم يَكْرَهْ أحمدُ ذلك، كما كَرِهَ القراءةَ خَلْفَ الإِمامِ؛ لأنَّه يَسِيرٌ لا يَمْنَعُ الإِنْصاتَ، فَجَرى مَجْرَى التَّأْمِينِ. قيل لأحمدَ: فإنْ رَفَعُوا أصْواتَهم بهذا؟ قال: أكْرَهُه. قيل: فيَنْهاهم الإِمامُ؟ قال: لا يَنْهَاهم. قال القاضي: إنَّما لم يَنْهَهم؛ لأنَّه قد رُوِىَ عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الجَهْرُ بمثلِ ذلك في صلاةِ الإِخْفاءِ، فإنَّه كان يُسْمِعُهم الآيةَ أحيانًا.
فصل: قيل لأحمدَ، رَحِمَه اللهُ: إذا قرأ: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى}(٤٦) هل يقول: "سُبْحَانَ ربِّىَ الأعْلَى". قال: إن شاء قاله فيما بينَه وبين نَفْسِه، ولا يَجْهَرُ به في المَكْتُوبَةِ وغيرِها. وقد رُوِىَ عن عَلِيٍّ، رَضِىَ اللهُ عنه، أنَّه قَرَأ في الصَّلاةِ:{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}. فقال: سُبْحَان رَبِّىَ الأعْلَى. وعن ابْنِ عَبَّاسٍ، أنَّه قَرَأ في الصَّلاةِ:{أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى}. فقال: سُبْحَانَكَ، وبَلَى. وعن مُوسَى بن أبي عائشةَ، قال: كان رجل يُصَلِّى فوقَ بَيْتهِ، فكان إذا قَرَأ:{أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى}. قال: سُبْحَانَكَ، فبَلَى، فسَألُوه عن ذلك، فقال: سَمِعْتُه عن رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-. رواهُ أبو داوُدَ (٤٦ م). ولأنَّه ذِكْرٌ وَرَدَ الشَّرْعُ به، فجازَ التَّسْبِيحُ في مَوْضِعِه. النَّوْعُ الثَّالِثُ، أن يَقْرأَ القرْآنَ يَقْصِدُ به تَنْبِيهَ آدَمِيٍّ، مثل أن يقولَ:{ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ}(٤٧). يُرِيدُ الإِذْنَ، أو يقولَ لرجلٍ اسمُه يحيى:{يَايَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ}(٤٨). أو: {يَانُوحُ قَدْ
(٤٦) سورة القيامة ٤٠. (٤٦ م) في: باب الدعاء في الصلاة، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود ١/ ٢٠٤. (٤٧) سورة الحجر ٤٦. (٤٨) سورة مريم ١٢.