بجَوابِ القَسَمِ، ولذلك لا يصْلُحُ أَنْ يقولَ: واللَّهِ أفْعَلُ. ولا: باللَّه أفْعَلُ. وإنّما صَلَحَ ذلك فى التَّاءِ؛ لأنَّها لا [تَخْتَصُّ القسَمَ](٣٧)، فيَدُلُّ على أنَّه سُؤالٌ، فلا تَجِبُ به كفّارَةٌ (٣٨).
فصل: وثَبَتَ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أمَرَ بإبْرارِ القَسَمِ (٣٩). روَاه البُخارِىُّ (٤٠). وهذا، واللَّهُ أعلمُ، على سبيلِ النَّدْبِ، لا على سبيلِ الإِيجابِ؛ بدليلِ أَنَّ أبا بكرٍ قال: أَقْسَمْتُ عليكَ يا رَسُولَ اللَّهِ، لَتُخْبِرَنِّى بما أصَبْتُ ممّا أخْطَأَتُ. فقال النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا تُقْسِمْ يَا أبَا بَكْرٍ". ولم يُخْبِرْه (٤١). ولو وجَبَ عليه إبْرارُه لأَخْبَرَه. ويَحْتَمِلُ أَنْ يجبَ عليه إبْرارُه، إذا لم يكُنْ فيه ضَرَرٌ، ويكونُ امْتِناعُ النَّبِىّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْ إبْرارِ أبى بكْرٍ لِمَا عَلِمَ مِن الضَّرَرِ فيه. وإِنْ أجابَهُ إلى صُورَةِ ما أقْسَمَ عليه دونَ مَعْناه، عندَ تعذُّرِ المَعْنَى، فحَسَنٌ؛ فإنَّه رُوِىَ عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أَنَّ العَبَّاسَ جاءَهُ برَجُلٍ لِيُبايِعَه على الهِجْرَةِ، فقال النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ". فقال (٤٢) العباسُ: أَقْسَمْتُ عليك يا رسولَ اللَّه لَتُبايعَنَّه. فوضَعَ النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يدَهُ فى يَدِه، وقال:"أَبْرَرْتُ قَسَمَ عَمِّى، ولَا هِجْرَةَ"(٤٣). فأجابَه إلى صُورَةِ المُبايعَةِ، دُونَ ما قَصَدَ بيَمِينِه.
(٣٧) فى م: "تخص بالقسم". (٣٨) فى أ، ب: "الكفارة". (٣٩) فى م: "المقسم". (٤٠) فى: باب الأمر باتباع الجنائز، من كتاب الجنائز، وفى: باب نصر المظلوم، من كتاب المظالم، وفى: باب من إجابة الوليمة، من كتاب النكاح، وفى: باب خواتيم الذهب، من كتاب اللباس، وفى: باب تشميت العاطس، من كتاب الأدب، وفى: باب إفشاء السلام، من كتاب الاستئذان، وفى: باب قول اللَّه تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ}، من كتاب الأيمان والنذور. صحيح البخارى ٢/ ٩٠، ٣/ ١٦٩، ٧/ ٣١، ٢٠٠، ٨/ ٦١، ٦٥، ١٦٦. كما أخرجه مسلم، فى: باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة. . .، من كتاب اللباس والزينة. صحيح مسلم ٣/ ١٦٣٥. والترمذى، فى: باب ما جاء فى كراهية لبس المعصفر للرجل. . .، من أبواب الأدب. عارضة الأحوذى ١٠/ ٢٥٢. والنسائى، فى: باب الأمر باتباع الجنائز، من كتاب الجنائز، وفى: باب إبرار القسم، من كتاب الأيمان والنذور. المجتبى ٤/ ٤٤، ٧/ ٩. وابن ماجه، فى: إبرار القسم، من كتاب الكفارات. سنن ابن ماجه ١/ ٦٨٣. والإمام أحمد، فى: المسند ٤/ ٢٨٤، ٢٨٧، ٢٩٩. (٤١) تقدم تخريجه، فى صفحة ٤٦٩. (٤٢) فى م: "وقال". (٤٣) أخرجه ابن ماجه. فى: باب إبرار القسم، من كتاب الكفارات. سنن ابن ماجه ١/ ٦٨٤. والإمام أحمد، فى: المسند ٣/ ٤٣١.