مُنْزَلًا، ويُحَوِّطُ على رَحْلِه بنحوٍ من ذلك. ولو نَزَلَ مُنْزَلًا، فنَصَبَ به بَيْتَ شَعْرٍ أو خَيْمَةً، لم يكُنْ إحْياءً. وإن أرَادَها لِلزِّرَاعةِ، فبأن يُهَيِّئَها لإِمْكانِ الزَّرْعِ فيها، فإن كانت لا تُزْرَعُ إلَّا بالماءِ، فبأن يَسُوقَ إليها ماءً من نَهْرٍ أو بِئْرٍ، وإن كانت ممَّا لا يُمْكِنُ زَرْعُها لِكَثْرةِ أحْجارِها، كأرْضِ الحِجَازِ، فبأن يَقْلَعَ أحْجارَها ويُنَقِّيَها حتى تَصْلُحَ لِلزَّرْعِ، وإن كانت غِيَاضًا وأشْجارًا، كأرْضِ الشّعْرَى (٦)، فبأن يَقْلَعَ أشْجَارَها، ويُزِيلَ عُرُوقَها التي تَمْنَعُ الزَّرْعَ. وإن كانت ممَّا لا يُمْكِنُ زَرْعُه إلَّا بِحَبْسِ الماءِ عنها، كأرْضِ البَطائِحِ التي يُفْسِدُها غَرَقُها بالماءِ لِكَثْرَتِه، فإحْياؤُها بِسَدِّ الماءِ عنها، وجَعْلِهَا بحالٍ يُمْكِنُ زَرْعُها؛ لأنَّ بذلك يُمْكِنُ الانْتِفاعُ بها فيما أرَادَها من غيرِ حاجةٍ إلى تَكْرَارِ ذلك في كلِّ عامٍ، فكان (٧) إحْياءً، كسَوْقِ الماءِ إلى الأرْضِ التي لا ماءَ لها. ولا يُعْتَبَرُ في إحْياءِ الأَرْضِ حَرْثُها ولا زَرْعُها؛ لأنَّ ذلك ممَّا يَتَكَرَّرُ كلَّما أرَادَ الانْتِفَاعَ بها، فلم يُعْتَبَرْ في الإِحْياءِ، كسَقْيِها، وكالسُّكْنَى في البُيُوتِ، [ولا يحْصُلُ](٨) بذلك إذا فَعَلَه لِمُجَرَّدِه، لما ذَكَرْنا. ولا يُعْتَبَرُ في إحْياءِ الأرْضِ لِلسُّكْنَى نَصْبُ الأبْوابِ على البُيُوتِ. وبهذا قال الشافِعِىُّ، فيما ذَكَرْنا في الرِّوَايةِ الثانيةِ، إلَّا أنَّ له وَجْهًا في أنَّ حَرْثَها وزَرْعَها إحْياءٌ لها، وأنَّ ذلك مُعْتَبَرٌ في إحْيائِها، ولا يَتِمُّ بدونه، وكذلك نَصْبُ الأبْوابِ على البُيُوتِ؛ لأنَّه ممَّا جَرَتِ العادَةُ به، فأشْبَه التَّسْقِيفَ. ولا يَصِحُّ هذا؛ لما ذَكَرْنا، ولأنَّ السُّكْنَى مُمْكِنَةٌ بدُونِ نَصْبِ الأبْوابِ، فأشْبَهَ تَطْيِينَ سُطُوحِها وتَبْيِيضَها.