الشّافِعِىُّ وأبو ثَوْر: لَيْسَا من الوَجْهِ ولَا مِنَ الرَّأْسِ. ففى إفْرَادِهِما بماءٍ جَدِيدٍ خُرُوجٌ من بعضِ (٥) الخِلَافِ، فكانَ أَوْلَى. وإنْ مَسَحَهُما بماءِ الرَّأْسِ أجْزَأَهُ؛ لأن النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَعَلَهُ.
فصل: قال الْمَرُّوذِىُّ: رَأَيْتُ أبا عَبْدِ اللَّه مَسَحَ رَأْسَه، ولَمْ أَرَهُ يَمْسَحُ عَلَى عُنُقِه، فَقُلْتُ له:[ألَا تَمْسَحُ](٦) على عُنُقِك؟ قال: إنَّه لَمْ يُرْوَ عنِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. فقلتُ: أَلَيْسَ قد رُوِىَ عن أبي هُرَيْرة، قال: هُوَ مَوْضِعُ الغُلِّ؟ قال: نَعَمْ، ولكِن هكذا يَمْسَحُ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، لم (٧) يَفْعَلْه. وقال أيضًا: هو زِيادَةٌ. وذكر القاضي وغيرُه أنَّ فِيه رِوَاية أُخْرَى: أنه مُسْتَحَبٌّ، واحْتَجَّ بَعْضُهم أن في خَبَرِ ابنِ عَبّاس:"امْسَحُوا أعْنَاقَكُم مَخَافَةَ الغُلِّ". والذي وَقَفْتُ عليه عَنْ أحمد في هذا، أنَّ عَبْدَ اللَّه قال: رأيتُ أبى إذا مَسَحَ رَأْسَه وأُذُنَيْه في الوُضُوءِ مَسَحَ قَفَاهُ. وَوَهَّنَ الخَلَّالُ هذه الرِّوَاية، وقال: هِىَ وَهَمٌ. وقد أنكر أحمد حَدِيثَ طَلْحَة بن مُصَرِّف، عن أبِيهِ، عن جَدِّهِ: رأيتُ رَسُولَ اللَّه يَمْسَحُ رَأْسَه حتى بَلَغ القَذَالَ (٨). وهو أَوَّلُ القَفَا. وذَكَرَ أن سُفْيان (٩) كان يُنْكِرُهُ، وأنْكَرَه يَحْيَى (١٠) أيضًا. وخَبَرُ ابنِ عباس لا نَعْرِفُه، [ولا رَوَاهُ](١١) أصحابُ السُنَنِ.
فصل: وذَكَرَ بعضُ أَصْحابِنَا من سُنَنِ الوُضُوءِ غَسْلَ دَاخِلِ العَيْنَيْن، ورُوِىَ عن ابن عُمَر أنَّه عَمِىَ من كَثْرَةِ إدْخَالِ الماءِ في عَيْنَيْه. وقال القاضِى: إنَّما يُسْتَحَبُّ
(٥) سقط من: م. (٦) في م: "أتمسح". (٧) في م: "ولم". (٨) أخرجه أبو داود، في: باب صفة وضوء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود ١/ ٢٩. والإمام أحمد، في: المسند ٣/ ٤٨١. (٩) أبو محمد سفيان بن عيينة بن أبي عمران الهلالى الكوفى، الإمام الكبير، حافظ العصر، المتوفى سنة ثمان وتسعين ومائة. سير أعلام النبلاء ٨/ ٤٠٠ - ٤١٨. (١٠) أبو زكريا يحيى بن معين بن عون البغدادي، الإمام الحافظ، شيخ المحدثين، توفى سنة ثلاث وثلاثين ومائتين. سير أعلام النبلاء ١١/ ٧١ - ٩٦. (١١) في م: "ولم يروه".