النِّكاحُ فى الشَّرْعِ: هو عَقْدُ التَّزْوِيجِ، فعندَ إطْلاقِ لَفْظِه يَنْصَرِفُ إليه، ما لم يَصْرِفْهُ عنه دَلِيلٌ. وقال القاضى: الأشْبَهُ بأَصْلِنا أنَّه حقيقةٌ فى العَقْدِ والوَطْءِ جميعًا؛ لقَوْلِنا بتَحْرِيمِ مَوْطُوءَةِ الأبِ من غيرِ تَزْويجٍ، لدُخُولِه فى قولِه تعالى:{وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ}(١). وقيل: بل هو حَقِيقةٌ فى الوَطْءِ، مَجازٌ فى العَقْدِ، تقولُ العربُ: أنْكَحْنَا الْفِرَا، فسَنَرَى. أى أضْرَبْنا فَحْلَ حُمُرِ الوَحْشِ أُمَّه، فسَنَرَى ما يَتَوَلَّدُ منهما. يُضْرَبُ مثلا للأَمْرِ يَجْتَمِعُون عليه، ثم يتَفَرَّقونَ (٢) عنه (٣). وقال الشاعر:
ومن أَيِّمٍ قد أنْكَحَتْنا رِمَاحُنا ... وأُخْرَى على خالٍ وعَمٍّ تَلَهَّفُ (٤)
والصَّحِيحُ ما قُلْنا؛ لأنَّ الأشْهَرَ اسْتِعمالُ لَفْظةِ النِّكاحِ بإزاءِ العَقْدِ فى الكِتاب والسُّنَّةِ ولسانِ أهلِ العُرْفِ. وقد قيل: ليس فى الكتابِ لَفْظُ نِكاحٍ بمعنى الوَطْءِ، إلَّا قولُه:{حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}(٥). ولأنَّه يَصِحُّ نَفْيُه عن الوَطْءِ، فيُقال: هذا سِفَاحٌ وليس بنِكَاحٍ. ويُرْوَى عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه قال:"وُلِدْتُ مِنْ نِكَاحٍ، لَا مِنْ سِفَاحٍ"(٦). ويُقال. عن السُّرِّيَّةِ: ليست بزَوْجةٍ، ولا مَنْكُوحةٍ. ولأنَّ النِّكاحَ أحدُ
(١) سورة النساء ٢٢. (٢) فى الأصل: "يفترقون". (٣) مجمع الأمثال ٣/ ٣٧٦. (٤) فى ب: "قد أنكحتها". (٥) سورة البقرة ٢٣٠. (٦) أخرجه البيهقى، فى: باب نكاح أهل الشرك وطلاقهم، من كتاب النكاح. سنن البيهقى ٧/ ١٩٠. وأورده =