وجُمْلَةُ ذلك أنَّ المُسْتَحَبَّ أن يُغَسَّلَ في بَيْتٍ. وكان ابنُ سِيرِينَ يَسْتَحِبُّ أن يكونَ البَيْتُ الذي يُغَسَّلُ فيه مُظْلِمًا. وذَكَرَه أحمدُ، فإنْ لم يكنْ جَعَلَ بينه [وبينَ السَّماءِ](١) سِتْرًا. قال ابنُ المُنْذِرِ: كان النَّخَعِىُّ يُحِبُّ أن يُغَسّلَ وبينه وبين السَّمَاءِ سُتْرَةٌ. ورَوَى أبو دَاوُدَ (٢) بإسْنَادِهِ (٣)؛ قال: أوْصَى الضَّحَّاكُ أخاهُ سَالِمًا، قال: إذا غَسَّلْتَنِى فاجْعَلْ حَوْلِى سِتْرًا، واجْعَلْ بَيْنِى وبين السَّمَاءِ سِتْرًا. وذَكَرَ القاضي، أن عائشةَ قالت: أتَانا رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- ونحنُ نُغَسِّلُ ابْنَتَهُ، فجعَلْنا بينها وبين السَّقْفِ سِتْرًا (٤). قال (٥): وإنَّما اسْتُحِبَّ ذلك خَشْيَةَ أن يَسْتَقْبِلَ السماءَ بِعَوْرَتِه، وإنَّما كُرِهَ أن يَحْضُرَه مَن لا يُعِينُ في أمْرِه، لأنَّه يُكْرَهُ النَّظَرُ إلى المَيِّتِ إلَّا لِحاجةٍ. ويُسْتَحَبُّ لِلْحاضِرِينَ غَضُّ أبْصَارِهم عنه، إلَّا مِن حاجةٍ، وسَبَبُ ذلك أنَّه رُبَّما كان بالمَيِّتِ عَيْبٌ يَكْتمُهُ، ويَكْرَهُ أن يُطَّلَعَ عليه بعد مَوْتِه، ورُبَّما حَدَثَ منه أمْرٌ يَكْرَهُ الحَىُّ أن يُطَّلَعَ منه (٦) على مِثْلِه، وَرُبَّما ظَهَرَ فيه شيءٌ هو في
(١٠) سقط من: الأصل. (١) في م: "وبينهم". (٢) لم نجده في سننه. (٣) في الأصل زيادة: "له". (٤) لم نجد هذا عن عائشة رضى اللَّه عنها، والأحاديث في تغسيل ابنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، عن أم عطية وأم سليم. (٥) سقط من: الأصل. (٦) سقط من: الأصل.