بعدَها (٩). ورَأَيْتُه يُصَلِّى بعدَها رَكَعَاتٍ في البَيْتِ، ورُبَّما صَلَّاهَا في الطَّرِيقِ، يَدْخُلُ بعضَ المَساجدِ. وَرُوِىَ عن أبي سَعِيدٍ، قال: كان رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يُصَلِّى قبلَ صلاةِ (١٠) العِيدِ شَيْئًا، فإذا رَجَعَ إلى مَنْزِلِه صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. رَوَاهُ ابنُ مَاجَه (١١). ولأنَّه إنَّما تَرَكَ الصلاةَ في مَوْضِعِ الصلاةِ اقْتِدَاءً بِرسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصْحَابِه، ولاشْتِغَالِه بالصلاةِ وانْتِظَارِها، وهذا مَعْدُومٌ في غيرِ مَوْضِعِ الصلاةِ.
وجُمْلَتُه أنَّ الرُّجُوعَ في غيرِ الطَّرِيقِ التي غَدَا منها سُنَّةٌ. وبهذا قال مالِكٌ، والشَّافِعِىُّ. والأصْلُ فيه أنَّ رسولَ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يَفْعَلُه، قال أبو هُرَيْرَةَ: كان رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا خَرَجَ يَوْمَ العِيدِ في طَرِيقٍ رَجَعَ في غيرِه (١). قال التِّرْمِذِىُّ: هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ. وقال بعضُ أهْلِ العِلْمِ: إنَّما فَعَلَ هذا قَصْدًا لِسُلُوكِ الأبْعَد في الذَّهابِ لِيَكْثُرَ ثَوابُه وخُطُواتُه إلى الصلاةِ. ويَعُودُ في الأقْرَب لأنَّه أسْهَلُ وهو رَاجِعٌ إلى مَنْزِلِه. وقيل: كان يُحِبُّ أن يَشْهَدَ له الطَّرِيقانِ. وقيل: كان يُحِبُّ المُسَاوَاةَ بين أهْلِ (٢) الطَّرِيقَيْنِ في التَّبَرُّكِ بمُرُورِه بهم، وسُرُورِهم بِرُؤْيَتِه، ويَنْتَفِعُونَ بمَسْألَتِه. وقيل: لِتَحْصُلَ الصَّدَقَةُ ممَّن صَحِبَه على أهْلِ الطَّرِيقَيْنِ من الفُقَراءِ. وقيل: لِتَبَرُّكِ الطَّرِيقَيْنِ بِوَطْئِه عليهما. وفى الجُمْلَةِ الاقْتِداءُ به سُنَّةٌ؛ لاحْتِمالِ بَقاءِ المَعْنَى الذي فَعَلَهُ
(٩) تقدم تخريجه في صفحة ٢٨١. (١٠) سقط من: أ، م. (١١) في: باب ما جاء في الصلاة قبل صلاة العيد وبعدها، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه ١/ ٤١٠. (١) أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في خروج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى العيد في طريق ورجوعه من آخر، من أبواب العيدبن. عارضة الأحوذى ٣/ ١١. كما أخرجه ابن ماجه، في: باب ما جاء في الخروج يوم العيد. . . إلخ، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه ١/ ٤١٢. والدارمى، في: باب الرجوع من المصلى من غير الطريق الذي خرج منه، من كتاب الصلاة. سنن الدارمي ١/ ٣٧٨. والإِمام أحمد، في: المسند ٢/ ٣٣٨. (٢) سقط من: الأصل.