فأمَّا إنْ دَعَا إنْسَانٌ في الرَّكعةِ الآخِرَةِ بآيَةٍ [مِن القُرْآنِ مِثل ما فَعَلَ الصِّدِّيقُ، فقد رُوِىَ عن أحمدَ: أنه سُئِلَ عن ذلكَ؟ فقالَ: إنْ شَاءَ قالَهُ، ولا نَدْرِى أكانَ ذلكَ قرَاءَةً مِنْ أبى بكرٍ أوْ دُعَاءً؟ فهذَا يَدُلُّ على أنه لا بأسَ بذلكَ؛ لأنه دُعَاءٌ في الصلاةِ فلم يُكْرَهْ، كالدُّعَاءِ في التَّشَهُّدِ](١٠).
وجُمْلَةُ ذلكَ أنَّ سَتْرَ العَوْرةِ عن النَّظرِ بما لا يَصِفُ البَشَرَةَ واجبٌ، وشَرْطٌ لصِحَّةِ الصلاةِ (١). وبهِ قالَ الشافعيُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ، وقال بعضُ أصْحابِ مالكٍ: سَتْرُهَا واجبٌ، وليس بِشَرْطٍ لصحةِ الصلاةِ. وقالَ بعضُهم: هي شَرْطٌ مع الذِّكْرِ دُونَ السَّهْوِ (٢). [احْتَجُّوا على أنَّها ليست شَرْطًا بأنَّ وُجُوبَهَا لا يخْتَصُّ بالصلاةِ، فلم يكنْ شَرْطًا، كاجْتِنَابِ الصَّلاةِ في الدَّارِ المَغْصُوبَةِ](٣). [ولَنا: ما روتْ عائشةُ أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قالَ](٤): "لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إلَّا بِخِمَارٍ". رَوَاهُ أبو داوُدَ وَالتِّرْمِذِىُّ (٥)، وقالَ حديثٌ حسنٌ، وقَالَ سلمة بنُ الأكْوَعِ: قلتُ يا رسولَ
(١٠) في الأصل: "فلا بأس به؛ لفعل الصديق رضى اللَّه عنه، ولأنه دعاء في الصلاة، أشبه ما لو دعا بغير آية، وكدعاء التشهد". (١) بعد هذا في الأصل زيادة: "في قول أكثر أهل العلم"، ثم أتى النقل عن ابن عبد البر، وسيرد في م فيما بعد. (٢) في الأصل زيادة: "وقال بعضهم: الستر واجب، وليس شرطا؛ لأن وجوبه غير مختص بالصلاة، فلم يشترط لها، كقضاء الدين عند الطلب به". (٣) سقط من: الأصل. (٤) في الأصل: "ولنا، قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-". (٥) أخرجه أبو داود، في: باب المرأة تصلى بغير خمار، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود ١/ ١٤٩. والترمذي، في: باب ما جاء لا تقبل صلاة المرأة إلا بخمار، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى ٢/ ١٦٩. كما أخرجه ابن ماجه، في: باب إذا حاضت الجارية لم تصلّ إلا بخمار، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه ١/ ٢١٥. والإِمام أحمد، في: المسند ٦/ ١٥٠، ٢١٨، ٢٥٩.