قُلْنَ: نَنْتَظِرُ الجِنازَةَ. قال:"هَلْ تُغَسِّلْنَ؟ " قُلْنَ: لا. قال:"هَلْ تَحْمِلْنَ؟ " قُلْنَ: لا. قال:"هَلْ تُدْلِينَ فِي مَنْ يُدْلِى؟ " قُلْنَ: لا. قال:"فَارْجِعْنَ مَأْزُورَاتٍ، غَيْرَ مَأْجُورَاتٍ". رَوَاه ابنُ مَاجَه (٢٥). وَرُوِىَ أنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لَقِىَ فَاطِمَةَ، فقال:"مَا أَخرَجَكِ يَا فَاطِمَةُ من بَيْتِكِ؟ ". قالت: يا رسولَ اللَّه، أتَيْتُ أهْلَ هذا البَيْتِ، فَرَحَّمْتُ إليهم مَيِّتَهم، أو عَزَّيْتُهم به. قال لها رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَلَعَلَّكِ بَلَغْتِ مَعَهُم الكُدَى؟ ". قالت: مَعَاذَ اللهِ، وقد سَمِعْتُكَ تَذْكُرُ فيها ما تَذْكُرُ. قال:"لَوْ بَلَغْتِ مَعَهُم الكُدَى"(٢٦). فذكر تَشْدِيدًا. رَوَاه أبو دَاوُدَ (٢٧).
فصل: فإن كان مع الجِنَازَةِ مُنْكَرٌ يَرَاهُ أو يَسْمَعُه، فإن قَدَر على إنْكارِهِ وإزالَتِه، أزَالَه، وإن لم يَقْدِرْ على إزَالَتِه، ففيهِ وَجْهَانِ: أحَدُهما، يُنْكِرُه، ويَتْبَعُها، فَيَسْقُطُ فَرْضُه بالإِنْكارِ، ولا يَتْرُكُ حَقًّا لِبَاطِلٍ. والثانى، يَرْجِعُ؛ لأنَّه يُؤَدِّى إلى اسْتِمَاعِ مَحْظُورٍ وَرُؤْيَتِه، مع قُدْرَتِه على تَرْكِ ذلك. وأَصْلُ هذا في [الغُسْلِ، فإنَّ](٢٨) فيه رِوَايَتَيْنِ، فيُخَرَّجُ في اتِّباعِها وَجْهَانِ.
التَّرْبِيعُ هو الأخْذُ بجَوانِبِ السَّرِيرِ. الأرْبَعِ، وهو سُنَّةٌ في حَمْلِ الجِنازَةِ؛ لقولِ ابنِ مسعودٍ: إذا تَبِعَ أَحَدُكُمْ جِنَازَةً، فَلْيَأْخُذْ بِجَوانِبِ السَّرِيرِ الأرْبَعِ، ثم لْيَتَطوَّعْ
(٢٥) في: باب ما جاء في اتباع النساء الجنائز، من كتاب الجنائز. سنن ابن ماجه ١/ ٥٠٢، ٥٠٣. (٢٦) الكدى: المراد بها هنا المقابر. (٢٧) في: باب التعزية، من كتاب الجنائز. سنن أبي داود ٢/ ١٧١. كما أخرجه النسائي، في: باب النعى، من كتاب الجنائز. المجتبى ٤/ ٢٣. والإِمام أحمد، في: المسند ٢/ ١٦٩. (٢٨) في الأصل: "الفرس فإنه".