لا خلافَ فى هذا عندَ فُقهاءِ الأَمْصارِ. قال ابنُ عبدِ البَرِّ: اليَمِينُ التى فيها الكَفَّارَةُ بإجْماعِ المسلمين، هى التى على المُسْتَقْبَلِ مِن الأَفْعالِ. وذَهَبَت طائِفَةٌ إلى أنّ الحِنْثَ متى كان طاعَةً، لم يُوجِبْ كَفَّارَةً. وقال قومٌ: مَنْ حَلَفَ على فِعْلِ مَعْصِيَةٍ، فكَفّارَتُها تَرْكُها. وقال سعيدُ بنُ جُبَيْرٍ: اللَّغْوُ أَنْ يحلِفَ الرَّجُلُ فيما (١) لا يَنْبَغِى له. يعنى فلا كَفَّارَةَ عليه فى الحِنْثِ. وقد رَوَى عَمْرُو بنُ شُعَيْبٍ، عن أبيهِ، عن جَدِّه، قال: قال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا نَذْرَ وَلَا يَمِينَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ، وَلَا فِى مَعْصِيَةِ اللَّه، ولَا فِى قَطِيعَةِ رَحِمٍ، ومَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرأى غَيْرَها خَيْرًا مِنْهَا، فَلْيَدَعْها، ولْيَأْتِ الَّذِى هُوَ خيرٌ، فإنَّ تَرْكَها كَفّارَةٌ". روَاه أبو داود (٢). ولأنَّ الكفارَةَ إنما تجِبُ لرَفْعِ الإِثْمِ، ولا إِثْمَ فى
(٦٦) سورة النحل ٩١، ٩٢. (٦٧) سورة المائدة ١. (١) فى ب: "على ما". (٢) تقدم تخريجه، فى: ٦/ ٢٦.