التَّمْرِ، ولأنَّه حالُ كَمَالِه وادِّخَارِه، فيُخْرِجُ منه، كما يَخْرُصُ الرَّطْبَ في حالِ رُطُوبَتِه، ويُخْرِجُ منه إذا يَبِسَ.
فصل: ومذهبُ أحمدَ أنَّ في العَسَلِ العُشْرَ. قال الأثْرَمُ: سُئِلَ أبو عبدِ اللهِ: أَنْتَ تَذْهَبُ إلى أنَّ في العَسَلِ زكاةً؟ قال: نعم. أذْهَبُ إلى أنَّ في العَسَلِ زَكَاةً، العُشْرُ، قد أخَذَ عمرُ منهم الزكاةَ. قلتُ: ذلك على أنَّهم تَطَوَّعُوا به؟ قال: لا. بل أخَذَهُ منهم. ويُرْوَى ذلك عن عمرَ بن عبدِ العزيزِ، ومَكْحُولٍ، والزُّهْرِيِّ، وسليمانَ بن موسى، والأوْزاعِيِّ، وإسحاقَ. وقال مَالِكٌ، والشَّافِعِيُّ، وابنُ أبي لَيْلَى، والحسنُ بن صالحٍ، وابْنُ المُنْذِرِ: لا زكاةَ فيه؛ لأنَّه مَائِعٌ خَارِجٌ من حَيَوانٍ، أشْبَهَ اللَّبَنَ. قال ابْنُ المُنْذِرِ: ليس في وُجُوبِ الصَّدَقَةِ في العَسَلِ خَبَرٌ يَثْبُتُ ولا إجْمَاعٌ، فلا زكاةَ فيه. وقال أبو حنيفةَ: إن كان في أرْضِ العُشْرِ ففيه الزكاةُ، وإلَّا فلا زكاةَ فيه. ووَجْهُ الأوَّل ما رَوَى عمْرُو بنُ شُعَيْبٍ، عن أبِيه، عن جَدِّهِ، أنَّ رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يُؤْخَذُ في زَمَانِه من قِرَبِ العَسَلِ، مِن كلِّ [عَشْرِ قِرَبٍ](٧٨) قِرْبَةٌ من أَوْسَطها. رَوَاهُ أبو عُبَيْدٍ، والأثْرَمُ، وابْنُ مَاجَه (٧٩). وعن سليمانَ بن موسى، أنَّ أبَا سَيَّارَة الْمُتَعِيِّ (٨٠) قال: قلتُ يا رسولَ اللهِ: إنَّ لِي نَحْلًا. قال:"أدِّ عُشْرَهَا". قال: فَاحْمِ إذًا جَبَلَها. فحَمَاهُ له. رَوَاهُ أبُو عُبَيْدٍ، وابْنُ مَاجَه (٨١). ورَوَى الأثْرَمُ عن ابن أبي ذُبابٍ (٨٢)، عن أبِيهِ عن جَدِّهِ،
(٧٨) سقط من: أ، م. (٧٩) أخرجه أبو عبيد، في: الأموال ٤٩٧. وابن ماجه، في: باب زكاة العسل، من كتاب الزكاة. سنن ابن ماجه ١/ ٥٨٤. كما أخرجه أبو داود، في: باب زكاة العسل، من كتاب الزكاة. سنن أبي داود ١/ ٣٧١. (٨٠) نسبة إلى متع، بطن من فهم، فيما يظن السمعاني؛ وهو أبو سيارة عامر بن هلال. اللباب ٣/ ٩٤. وضبط ابن حجر "متع" بضم الميم وفتح المثناة الفوقية، وذكر الاختلاف في اسمه. الإصابة ٧/ ١٩٦. (٨١) أخرجه أبو عبيد، في: الأموال ٤٩٧. وابن ماجه، في: باب زكاة العسل، من كتاب الزكاة. سنن ابن ماجه ١/ ٥٨٤. كما أخرجه البيهقي، في: باب ما ورد في العسل، من كتاب الزكاة. السنن الكبرى ٤/ ١٢٦. (٨٢) في النسخ: "ذئابة". والتصويب من ترجمة عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن الحارث بن سعد بن أبي ذباب، في تهذيب التهذيب ٥/ ٢٩٢. وانظر ما رواه سعيد في الفصل التالي.