لا خِلَافَ بين أهْلِ العِلْمِ، في تَحْرِيمِ قَتْلِ الصَّيْدِ واصْطِيَادِه على المُحْرِمِ. وقد نَصَّ اللهُ تعالى عليه (٢) في كِتَابِه، فقال سبحانه:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ}(٣). وقال تعالى:{وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا}(٤). وتَحْرُمُ عليه الإشارَةُ إلى الصَّيْدِ، والدَّلَالَةُ عليه؛ فإنَّ في حديثِ أبي قَتَادَةَ (٥) لمَّا صادَ الحِمارَ الوَحْشِىَّ، وأصْحَابُه مُحْرِمُونَ، قال النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأصْحَابِه:"هَلْ مِنْكُمْ أحَدٌ أمَرَهُ أنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا، أوْ أشَارَ إلَيْهَا؟ ". وفي لَفْظٍ مُتَّفَقٍ عليه: فأبْصَرُوا حِمَارًا وَحْشِيًّا، وأنا مَشْغُولٌ أخْصِفُ نَعْلِى، فلم يُؤْذِنُونِي، وأَحَبُّوا لو أنِّي أبْصَرْتُه. وهذا يَدُلُّ على أنَّهم اعْتَقَدُوا تَحْرِيمَ الدَّلَالَةِ عليه. وسُؤالُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لهم:"هَلْ مِنْكُمْ أحَدٌ أمَرَه أنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا، أوْ أشَارَ إلَيْهَا؟ " يَدُلُّ على تَعَلُّقِ التَّحْرِيمِ بذلك لو وُجِدَ منهم. ولأنَّه تَسَبَّبَ إلى مُحَرَّمٍ عليه، فحُرِّمَ، كَنَصْبِه الأُحْبُولَةَ.
فصل: ولا تَحِلُّ له الإعانَةُ على الصَّيْدِ بِشىءٍ، فإنَّ في حَدِيثِ أبي قَتَادَةَ المُتَّفَقِ عليه: ثم رَكِبْتُ، ونَسِيتُ السَّوْطَ والرُّمْحَ، فقلتُ لهم: نَاوِلُونِى السَّوْطَ والرُّمْحَ،
(١) في م: "حراما". (٢) سقط من: م. (٣) سورة المائدة ٩٥. (٤) سورة المائدة ٩٦. (٥) أخرجه البخاري، في: باب من استوهب من أصحابه. . .، من كتاب الهبة وفضلها. صحيح البخاري ٣/ ٢٠٢. ومسلم، في: باب تحريم الصيد للمحرم، من كتاب الحج. صحيح مسلم ٢/ ٨٥١ - ٨٥٤. كما أخرجه أبو داود، في: باب لحم الصيد للمحرم، من كتاب المناسك ١/ ٤٢٩. والنسائي، في: باب إذا ضحك المحرم. . .، وباب إذا أشارِ المحرم. . .، من كتاب مناسك الحج ٥/ ١٤٥، ١٤٦.