وجُمْلتُه أنَّ الحاكمَ إذا حَضَرتْه قضيَّةٌ تَبَيَّنَ له حُكْمُها في كتابِ اللهِ تعالى، أو سُنَّةِ رسولِه، أو إجْماعٍ، أو قياسٍ جَليٍّ، حكمَ ولم يَحْتَجْ إلى رَأيِ غيرِه؛ لقولِ رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لمُعاذٍ حين بَعَثَه إلى اليمنِ:"بِمَ تَحْكُمُ؟ " قال: بكتابِ اللهِ. قال:"فَإنْ لَمْ تَجِدْ؟ ". قال: بسُنَّةِ رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. قال:"فَإِنْ لَمْ تَجِدْ؟ ". قال: أجتهدُ رَأْيي، ولا آلُو. قال:"الحَمْدُ للهِ الَّذِى وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللهِ لِما يُرْضِى رَسُولَ اللهِ"(١). وإن احْتاجَ إلى الاجْتهادِ، اسْتُحِبَّ له أنْ يُشاوِرَ؛ لقولِ اللهِ تعالى:{وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}(٢). قال الحسنُ: إنْ كان رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَغَنِيًّا عن مُشاوَرَتِهم، وإنَّما أرادَ أن يَسْتَنَّ بذلك الحُكَّامُ بعدَه (٣). وقد شاورَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أصحابه
(٤) شراج الحرة: مسيل الماء منها إلى السهل. (٥) الجدر: الحائط، كالجدار. (٦) تقدم تخريجه، في: ٨/ ١٦٨، ١٦٩. (٧) في ب: "الحكم". (١) تقدم تخريجه، في: ١/ ٢٧٥، ٤/ ٥. (٢) سورة آل عمران ١٥٩. (٣) أخرجه البيهقى، في: باب مشاورة القاضي والوالى في الأمر، من كتاب آداب القاضي. السنن الكبرى ١٠/ ١٠٩.