والقَرْضُ (٢) نَوْعٌ من السَّلَفِ، وهو جَائِزٌ بالسُّنَّةِ والإجْمَاعِ؛ أمَّا السُّنَّةُ، فرَوَى أبو رَافِعٍ، أنّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اسْتَسْلَفَ مِنْ (٣) رَجُلٍ بَكْرًا، فَقَدِمَتْ علَى النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِبِلُ الصَّدَقَةِ، فأمَرَ أبا رَافِعٍ أن يَقْضِىَ الرَّجُلَ بَكْرَهُ. فرَجَعَ إليه أبو رَافِعٍ، فقال يا رسولَ اللهِ، لم أجِدْ فيها إلَّا خِيَارًا رَبَاعِيًّا (٤). فقال:"أعْطِهِ، فَإنَّ خَيْرَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً". رَوَاهُ مُسْلِمٌ (٥). وعن ابنِ مَسْعُودٍ: أنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- , قال:"مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُقْرِضُ مُسْلِمًا قَرْضًا مَرَّتَيْنِ. إلَّا كَانَ كَصَدَقَةِ مَرَّةٍ". وعَن أنَسٍ، قال: قال رسولُ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِىَ بى عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ مَكْتُوبًا: الصَّدَقَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِها، والْقَرْضُ بثَمَانِيَة عَشرَ. فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، مَا بَالُ الْقَرْضِ أفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ؟ . قال: لأنَّ السَّائِلَ يَسْأَلُ وَعِنْدَهُ، والمُسْتَقْرِضُ لا يَسْتَقْرِضُ إلَّا مِن حَاجَةٍ". رَوَاهُما ابنُ مَاجَه (٦). وأجْمَع المسلمون على جَوَازِ القَرْضِ.
فصل: والقَرْضُ مَنْدُوبٌ إليه فى حَقِّ المُقْرِضِ، مُبَاحٌ لِلْمُقْتَرِضِ؛ لما رَوَيْنَا من الأحَادِيثِ، ولما رَوَى أبو هُرَيْرَةَ، أنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "مَنْ كَشَفَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، كَشَفَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَاللهُ فِى عَوْنِ
(١) سقط من: الأصل. (٢) فى الأصل: "فصل والقرض". (٣) سقط من: الأصل. (٤) البكر إذا استكمل ست سنين، ودخل فى السابعة، وألقى رباعية، بتخفيف الياء، فهو رباع، والأنثى رياعية، بتخفيف الياء. (٥) تقدم تخريجه فى صفحة ٣٨٨. (٦) فى: باب القرض، من كتاب الصدقات. سنن ابن ماجه ٢/ ٨١٢.