فصل: ولا نَعْلَمُ في اسْتِحْبَابِ تَعْجِيلِ الظُّهْرِ، في غيرِ الحَرِّ والغَيْمِ، خِلَافًا. قال التِّرْمِذِىُّ:(١٩) وهو الذي اخْتَارَهُ أَهْلُ العِلْمِ من أصحابِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ومَنْ بَعْدَهُمْ. وذلك لِمَا ثَبَتَ من حديثِ أبى بَرْزَة وجابِرٍ (٢٠)، وغَيْرِهِمِا، عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. وقالت عائشةُ، رَضِىَ اللهُ عنها: ما رَأَيْتُ أحَدًا (٢١)[كان](٢٢) أشدَّ تَعْجِيلَا للظُّهْر من رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا أبِى بَكْرٍ ولا مِنْ عمرَ. قال التِّرْمِذِىُّ: هذا حديثٌ حَسَنٌ. وعن ابنِ عمرَ قال: قال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الوَقْتُ الأَوَّلُ مِنَ الصَّلَاةِ رِضْوَانُ اللَّه، والوَقْتُ الآخِرُ (٢٣) عَفْوُ اللهِ"(٢٤). قال التِّرْمِذِىُّ: هذا حديثٌ غريبٌ. وأمَّا في شِدَّةِ الحَرِّ فكلامُ الخِرَقِىِّ يَقْتَضِى اسْتِحْبَابَ الإِبْرَادِ بها على كلِّ حَالٍ، وهو ظاهرُ كلامِ أحمدَ. قال الأثْرَمُ:[وهذا علَى](٢٥) مَذْهَبِ أبى عبدِ اللَّه سواءٌ، يُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُها في الشِّتَاءِ والإِبْرَادُ بِهَا في الحَرِّ. وهو قولُ إسحاقَ، وأصحابِ الرَّأْىِ، وابْنِ المُنْذِرِ؛ لظاهِرِ قولِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذَا اشْتَدَّ الحَرُّ فأَبْردُوا بالصَّلَاةِ، فإنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّم". رَوَاهُ [أبو ذَرّ، وأبو هُرَيْرَةَ، وابنُ عمرَ، مُتَّفَقٌ عليهِنَّ.](٢٦) وهذا عامٌّ. وقال
(١٨) سورة النساء ١٠٣. (١٩) في: باب ما جاء في التعجيل بالظهر، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى ١/ ٢٦٥. (٢٠) أي ابن سمرة. (٢١) سقط من: م. (٢٢) تكملة من سنن الترمذي. عارضة الأحوذى ١/ ٢٦٤. وانظر لحديث عائشة أيضًا المسند، للإمام أحمد ٦/ ١٣٥, ٢١٦. (٢٣) في م: "الأخير". (٢٤) أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في الوقت الأول من الفضل، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى ١/ ٢٨٢. والدارقطني، في: باب النهى عن الصلاة بعد صلاة الفجر وبعد صلاة العصر، من كتاب الصلاة. سنن الدارقطني ١/ ٢٤٩. والبيهقي، في: باب الترغيب في التعجيل بالصلوات في أوائل الأوقات، من كتاب الصلاة. السنن الكبرى ١/ ٤٣٥. (٢٥) في م: "وعلى هذا". (٢٦) في م: "الجماعة عن أبي هريرة".