ولا تَرَى بأكْلِها بأسًا. وقال أبو حنيفةَ، والثَّورِىُّ، ومالكٌ: هى (٨) حرامٌ. ورُوِىَ نحوُ ذلك عن سعيدِ بنِ المُسَيَّبِ؛ لأنَّها من السِّباعِ، وقد نَهَى النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن أكلِ (٩) كُلِّ ذِى نابٍ من السِّباعِ (١٠). وهى من السِّباعِ، فتدْخُلُ فى عُمومِ النَّهْى. ورُوِى عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه سُئِلَ عن الضَّبُعِ، فقال:" ومَنْ يَأْكُلُ الضَّبُعَ! "(١١). ولَنا، ما رَوَى جابرٌ، قال: أَمَرَنا رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بأَكْلِ الضَّبُعِ. قلتُ: صَيْدٌ هى؟ قال: نَعَم. احْتَجَّ به أحمدُ. وفى لفظٍ قال: سألْتُ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الضَّبُعِ. فقال:"هُوَ صَيْدٌ، ويُجْعَلُ فيه كبْشٌ (١٢) إذا صادَه المُحْرِمُ". روَاه أبو داودَ (١٣). قال ابنُ عبدِ البَر: هذا لا يُعارِضُ حديثَ النَّهْى عن كلِّ ذِى نابٍ من السباعِ؛ لأنَّه أقوَى منه. قُلْنا: هذا تَخْصيصٌ لا مُعارَضَةٌ (١٤)، ولا يُعْتَبَرُ فى التَّخْصيصِ كونُ المُخَصِّصِ فى رُتْبَةِ المُخَصَّصِ (١٥)، بدليلِ تَخْصِيص عُمومِ الكتابِ بأخْبارِ الآحادِ. فأمَّا الخبرُ الذى فيه:"وَمَنْ يَأْكُلُ الضَّبُعَ! " فحديثٌ طَويلٌ، يَرْوِيهِ عبدُ الكريم بن أبى الْمُخارِقِ، يَنْفَردُ به، وهو مَتْرُوكُ الحديثِ. ولأنَّ الضَّبُعَ قد قيل: إنَّها ليس لها نابٌ. وسَمِعْتُ مَنْ يذكُرُ أَنَّ جميعَ أسْنانِها عَظْم واحدٌ كصَفِيحَةِ (١٦) نعلِ الفرَس. فعلى هذا لا تَدْخُلُ فى عُمومِ النَّهْى. واللَّهُ أعلمُ.
التِّرْيَاقُ: دواءٌ يُتَعالَجُ به من السَّمِّ، ويُجْعَلُ فيه من لُحومِ الحَيَّاتِ، فلا يُباحُ أَكْلُه
(٨) فى ب، م: "هو". (٩) سقط من: الأصل، أ، ب. (١٠) تقدم تخريجه، فى صفحة ٣٢٠. وفى ب: "الضباع" مكان: "السباع". (١١) أخرجه الترمذى، فى: باب ما جاء فى أكل الضبع، من أبواب الأطعمة. عارضة الأحوذى ٧/ ٢٩٣. وابن ماجه، فى: باب الضبع، من كتاب الصيد. سنن ابن ماجه ٢/ ١٠٧٨. (١٢) فى الأصل، أ، ب: "كبشا". والمثبت فى: م. والسنن. (١٣) تقدم تخريجه، فى: ٥/ ٣٩٧. (١٤) فى م: "معارض". (١٥) فى ب، م: "مخصص". (١٦) فى م: "كصفحة". (١) سقط من: م.