يُصَلِّى في المَسْجِدِ حتى يَنْصَرِفَ، فَيُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ في بَيْتِه. وهذا يَدُلُّ على أنَّه مَهْمَا فَعَلَ من ذلك كان حَسَنًا. قال أحمدُ، في رِوايَةِ عُبَيْدِ اللهِ: ولو صَلَّى مع الإِمامِ، ثم لم يُصَلِّ شَيْئًا حتى صَلَّى العَصْرَ، كان جَائِزًا. قد فَعَلَهُ عِمْرَانُ بنُ حُصَينٍ. وقال، في رِوَايَةِ أبى دَاوُدَ: يُعْجِبُنِى أن يُصَلِّىَ. يَعْنِى بعدَ الجُمُعَةِ.
فصل: فأما الصَّلَاةُ قبلَ الجُمُعَةِ، فلا أعْلَمُ فيه إلَّا مَا رُوِىَ، أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يَرْكَعُ مِن قبلِ الجُمُعَةِ أرْبَعًا. أخْرَجَه ابنُ مَاجَه (٢٠). ورَوَى عَمْرُو بن سَعِيدِ بن العَاصِ، عن أبِيهِ، قال: كنتُ ألْقَى (٢١) أصْحَابَ رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإذا زَالَتِ الشَّمْسُ قَامُوا فَصَلَّوا أَرْبَعًا. قال أبُو بكرٍ: كُنّا نكونُ مع حَبيبِ بن أبي ثَابِتٍ في الجُمُعَةِ، فيقولُ: أزَالَتِ الشَّمْسُ بعدُ؟ [أو يَلْتَفِتُ فيَنْظُرُ](٢٢)، فإذا زالَتِ الشَّمْسُ، صَلَّى الأرْبَعَ التي قبلَ الجُمُعَةِ. وعن أبي عُبَيْدَةَ، عن عبدِ اللهِ بن مَسعودٍ، أنَّه كان يُصَلِّى قبلَ الجُمُعَةِ أرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وبعدها أرْبَعَ رَكَعَاتٍ. رَوَاهُ سَعِيدٌ (٢٣).
فصل: ويُسْتَحَبُّ لمن أرَادَ الرُّكُوعَ يومَ الجُمُعَةِ أن يَفْصِلَ بينَها وبينَه بِكلامٍ، أو انْتِقالٍ من مَكانِه، أو خُرُوجٍ إلى مَنْزِلِه؛ لما رَوَى السَّائِبُ بن يَزِيدَ ابن أُخْتِ نَمِرٍ (٢٤) قال: صَلَّيْتُ مع مُعَاوِيةَ الجُمُعَةَ في المَقْصُورَةِ، فلما سَلَّمَ الإِمَامُ قُمْتُ في مَقَامِى فصَلَّيْتُ، فلمَّا دَخَلَ أرْسَلَ إلىَّ، فقال: لا تَعُدْ لما فَعَلْتَ، إذا صَلَّيْتَ
(٢٠) في: باب ما جاء في الصلاة قبل الجمعة، من كتاب الجمعة. سنن ابن ماجه ١/ ٣٥٨. (٢١) في أ، م: "أبقى". (٢٢) في أ، م: "ويلتفت وينظر". (٢٣) وعزاه الزيلعي للطبراني في الأوسط. نصب الراية ١/ ٢٠٦. (٢٤) في أ، م: "النمر".