الأصلُ في حكمهِم قولُ اللَّه تعالى:{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ}(١). وهذه الآيةُ في قولِ ابن عَبَّاسٍ وكثيرٍ من العلماءِ، نزلَتْ في قُطَّاعِ الطَّرِيقِ من المسلمين. وبه يقولُ مالِكٌ، والشَّافِعِىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وأصحابُ الرَّأْىِ. وحُكِىَ عن ابنِ عمرَ، أنَّه قال: نزلَتْ هذه الآيةُ في المُرْتَدِّين (٢). وحُكِىَ ذلك عن الحَسَنِ، وعَطاءٍ، وعبدِ الكريم (٣)؛ لأنَّ سببَ نُزولِهَا قصةُ العُرَنِيِّين، وكانوا ارْتدُّوا عن الإِسلام، وقَتَلُوا الرُّعَاةَ، فاسْتاقُوا إبلَ الصَّدَقَة، فبعثَ النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مَنْ جاءَ بهم، فَقَطَعَ أيْدِيَهم وأرجُلَهم، وسَمَلَ أعْيُنَهم، وألْقَاهم في الْحَرَّةِ حتى ماتُوا. قال أنَسٌ: فأنْزلَ اللَّه تعالى في ذلك: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ} الآية. أخْرَجَه أبو داود، والنَّسَائِىُّ (٤). ولأنَّ مُحارَبَةَ اللهِ ورسولِه إنَّما تكونُ من الكُفَّارِ لا مِن
(١) سورة المائدة ٣٣. (٢) أخرجه البيهقي، في: باب قطاع الطريق، من كتاب السرقة. السنن الكبرى ٨/ ٢٨٢، ٢٨٣. (٣) عبد الكريم بن مالك الجزرى الحرانى في الحافظ، من صغار التابعين، من الثقات، توفى سنة سبع وعشرين ومائة. سير أعلام النبلاء ٦/ ٨٠ - ٨٣. (٤) أخرجه أبو داود، في: باب ما جاء في المحاربة، من كتاب الحدود. سنن أبي داود ٢/ ٤٤٣، ٤٤٤. والنسائي، في: باب تأويل قول اللَّه عز وجل: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. . .} الآية، وباب ذكر اختلاف الناقلين لخبر حميد. . .، وباب ذكر اختلاف طلحة بن مصرف ومعاوية بن صالح. . .، من كتاب التحريم. المجتبى ٨٦ - ٩٢. كما أخرجه البخاري، في: باب قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ. . .} الآية، من كتاب الحدود. صحيح البخاري ٨/ ٢٠١، ٢٠٢. ومسلم، في: باب حكم المحاربين والمرتدين، من كتاب القسامة. صحيح مسلم ٣/ ١٢٩٦ - ١٢٩٨. وابن ماجه، في: باب من حارب وسعى في الأرض فسادا، من كتاب الحدود. سنن ابن ماجه ٢/ ٨٦١. والإِمام أحمد، في: المسند ٣/ ١٦٣، ١٧٧، ١٩٨.