مع أبى اُّمَامَةَ البَاهِلِيِّ وغيرِه من أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فكانُوا إذا رَجَعُوا من العِيدِ يقول بَعْضُهم لبعضٍ: تَقَبَّلَ اللهُ مِنَّا ومِنْكَ (١٥). وقال أحمدُ: إسْنَادُ حَدِيثِ أبى أُمَامَةَ إسْنادٌ جَيِّدٌ. وقال عليُّ بن ثَابِتٍ: سألتُ مالِكَ بنَ أَنَسٍ منذُ خَمْسٍ وثلاثِينَ سَنَةً، وقال:[لم نَزَلْ نعْرِفُ](١٦) هذا بالمَدِينَةِ. وَرُوِىَ عن أحمدَ أنَّه قال: لا أبْتَدِى به أحَدًا، وإن قالَه أحَدٌ رَدَدْتُه عليه.
فصل: قال القاضي: ولا بَأْسَ بالتَّعْرِيفِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ بالأمْصارِ. وقال الأثْرَمُ: سألتُ أبا عبدِ اللهِ عن التَّعْرِيفِ في الأمْصارِ، يَجْتَمِعُونَ في المساجِدِ يَوْمَ عَرَفَةَ، قال: أرْجُو أن لا يكونَ به بَأْسٌ، قد فَعَلَهُ غيرُ وَاحِدٍ. ورَوَى الأَثْرَمُ، عن الحسنِ، قال: أَوَّلُ من عَرَّفَ بالبَصْرَةِ ابنُ عَبَّاسٍ، رَحِمَهُ اللهُ. وقال أحمدُ: أَوَّلُ من فَعَلَهُ ابنُ عَبَّاسٍ وعَمْرُو بن حُرَيْثٍ (١٧). وقال: الحسنُ، وبكرٌ (١٨)، ومحمدُ بنُ وَاسِعٍ (١٩) كانوا يَشْهَدُونَ المسجدَ يَوْمَ عَرَفَةَ. قال أحمدُ: لا بَأْسَ به، إنَّما هو دُعَاءٌ وذِكْرٌ للهِ. فقيل له: تَفْعَلُه أنتَ؟ قال: أمَّا أنا فلا. ورُوِىَ عن يحيى بن مَعِينٍ أنَّه حَضَرَ مع النَّاسِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ.
(١٥) ذكره ابن التركماني في حاشية السنن الكبرى للبيهقي ٣/ ٣٢٠. (١٦) في أ، م: "لم يزل يعرف". (١٧) أبو سعيد عمرو بن حريث بن عمرو المخزومى الكوفى الصحابي، توفى سنة خمس وثمانين. أسد الغابة ٤/ ٢١٣. (١٨) لعله بكر بن عبد اللَّه بن عمرو المزني البصري. تقدمت ترجمته في صفحة ٢٠٠. (١٩) محمد بن واسع الأزدى، عابد البصرة، أخذ عن أنس، وتوفى سنة ثلاث وعشرين ومائة. العبر ١/ ١٥٧.