لا يَقْدِرُ على غيرِ الصِّيامِ. وإذا صامَ فإنَّه يَصُومُ عن كُلِّ مُدٍّ من قِيمَةِ الشَّاةِ يَوْمًا. ويَنْبَغِى أن يُخَرَّجَ فيه من الخِلَافِ ما ذَكَرْنَاه فى الصَّيْدِ، ومتى بَقِىَ من قِيمَتِها أقَلُّ من مُدٍّ، صامَ عنه يَوْمًا كَامِلًا؛ لأنّ الصَّوْمَ لا يَتَبَعَّضُ، فيَجِبُ تَكْمِيلُه، كمَنْ نَذَرَ أن يَصُومَ يومَ يَقْدَمُ فُلَانٌ فقَدِمَ فى بعضِ النَّهارِ، لَزِمَه صَوْمُ يَوْمٍ كامِلٍ، والأوْلَى أن يكونَ الواجِبُ من الصَّوْمِ عشرةَ أيَّامٍ، كصَوْمِ المُتْعَةِ، كما جاءَ فى حَدِيثِ عمرَ (٢)، أنَّه قال لهبَّارِ بن الأسْوَدِ: إنْ (٣) وَجَدْتَ سَعَةً فأهْدِ، فإن لم تَجِدْ سَعَةً، فَصُمْ ثلاثةَ أيَّامٍ فى الحَجِّ، وسَبْعَةً إذا رَجَعْتَ، إن شاءَ اللهُ تعالى. ورَوَى الشَّافِعِىُّ، فى "مُسْنَدِه" عن ابْنِ عمرَ مِثْلَ ذلك (٤). وأحمدُ ذَهَبَ إلى حَدِيثِ عمرَ، واحْتَجَّ به؛ لأنَّه صَوْمٌ وَجَبَ لِحِلِّه من إحْرَامِه قبلَ إتْمامِه، فكان عشرةَ أيَّامٍ، كصَوْمِ المُحْصَرِ (٥). والمُعْسِرُ فى الصَّوْمِ كالعَبْدِ، ولذلك قال عمرُ لِهَبَّارِ بن الأسْوَدِ: إن وَجَدْتَ سَعَةً فأهْدِ، فإن لم تَجِدْ فصُمْ. ويُعْتَبَرُ اليَسارُ والإعْسارُ فى زَمَنِ الوُجوبِ، وهو فى سَنَةِ القَضاءِ إن قُلْنا بِوُجُوبِه، أو فى سَنَةِ الفَواتِ إن قُلْنا لا يَجِبُ القَضاءُ. وقَوْلُ الخِرَقِىِّ:"ثُمَّ يُقَصِّرُ وَيَحِلُّ". يُرِيدُ أن العَبْدَ لا يَحْلِقُ هاهُنا، ولا فى مَوْضِعٍ آخَرَ؛ لأنَّ الحَلْقَ إزَالَةٌ للشَّعْرِ (٦) الذى يَزِيدُ فى قِيمَتِه ومَالِيَّتِه، وهو مِلْكٌ لِسَيِّدِهِ، ولم يَتَعَيَّنْ إزَالَتُه، فلم يَكُنْ له إزَالَتُه. كغيرِ (٧) حَالَةِ الإِحْرامِ. وإن أذِنَ له السَّيِّدُ فى الحَلْقِ، جازَ؛ لأنَّه إنَّما مُنِعَ منه لِحَقِّهِ.