عَلَيْهَا} (١٤). أى جِبِلَّتَه التى جَبَلَ النَّاسَ عليها، وهذه يُرَادُ بها الصَّدَقَةُ عن البَدَنِ والنَّفْسِ، كما كانت الأولى صَدَقَةً عن المالِ. وقال بعضُ أصْحابِنَا: وهل تُسَمَّى فَرْضًا مع القولِ بِوُجُوبِها؟ على رِوَايَتَيْنِ. والصَّحِيحُ أنَّها فَرْضٌ؛ لِقَوْلِ ابنِ عمرَ: فَرَضَ رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زَكَاةَ الفِطْرِ. ولإجْماعِ العُلَماءِ على أَنَّها فَرْضٌ، ولأنَّ الفَرْضَ إن كان الوَاجِبَ فهى وَاجِبَةٌ، وإن كان الوَاجِبَ المُتَأكِّدَ فهى مُتَأكِّدَةٌ مُجْمَعٌ عليها.
وجُمْلَتُه أنَّ زَكَاةَ الفِطْرِ تَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، مع [الصِّغَرِ والْكِبَرِ](١)، والذّكُورِيَّةِ والأُنُوثِيَّةِ، في قولِ أهْلِ العِلْمِ عامَّةً، وتَجِبُ على اليَتِيمِ، ويُخْرِجُ عنه وَلِيُّهُ من مالِهِ، لا نَعْلَمُ أحَدًا خَالَفَ في هذا، إلَّا محمد بن الحسنِ، قال: ليس في مالِ الصَّغِيرِ [من المُسْلِمِينَ](٢) صَدَقَةٌ. وقال الحسنُ، والشَّعْبِيُّ: صَدَقَةُ الفِطْرِ علَى مَن صامَ من الأحْرَارِ، وعلى الرَّقِيقِ. وعُمُومُ قَوْلِه فَرَضَ رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زَكَاةَ الفِطْرِ على كُلِّ حُرٍّ وعَبْدٍ، والذَّكَرِ والأُنْثَى، والصَّغِيرِ والكَبِيرِ، من المُسْلِمِينَ، يَقْتَضِي وُجُوبَها على اليَتِيمِ، ولأنَّه مُسْلِمٌ فوَجَبَتْ فِطرتُه كما لو كان له أبٌ.
فصل: ولا تَجِبُ على كافِرٍ حُرًّا كان أو عَبْدًا. ولا نَعْلَمُ بينهم خِلافًا في الحُرِّ البالغِ. وقال إمامُنا، ومَالِكٌ، والشَّافِعِيُّ، وأبو ثَوْرٍ: لا تَجِبُ على العَبْدِ أيضا، ولا على الصَّغِيرِ. ويُرْوَى عن عمرَ بن عبدِ العزيزِ، وعَطاءٍ، ومُجاهِدٍ، وسَعِيدِ بن
(١٤) سورة الروم ٣٠. (١) في م: "الصغير والكبير". (٢) سقط من: الأصل، ب.