وجُمْلَةُ ذلك أَنَّ المُطَلَّقَةَ الْمَبْتُوتَةَ، إذا مَضَى زَمَنٌ بعدَ طَلَاقِها، يُمْكِنُ فيه انْقِضاءُ عِدَّتَيْنِ بينهما نِكاحٌ ووَطْءٌ، فأخْبَرَتْهُ بذلك، وغَلَبَ على ظَنِّهِ صِدْقُها؛ إمَّا لِمَعْرِفَتِهِ بأَمانَتِها، أو بِخَبَرِ غيرِها مِمَّنْ يَعْرِفُ حَالَهَا، فله أَنْ يَتَزَوَّجَها، فى قَوْلِ عَامَّةِ أهْلِ الْعِلْمِ؛ منهم الْحسنُ، وقتادةُ (٢)، والأَوْزاعِىُّ، والثَّوْرِىُّ، والشَّافِعِىُّ، وأبو عُبَيْدٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ؛ وذلك لِأَنَّ الْمَرْأَةَ مُؤْتَمَنَةٌ على نَفْسِها، وعلى مَا أَخْبَرَتْ به عنها، ولا سَبِيلَ إلى مَعْرِفَةِ هذه الْحالِ على الْحَقِيقَةِ إِلَّا مِنْ جِهَتِها، فيَجِبُ الرُّجُوعُ إِلى قَوْلِهَا، كما لو أَخْبَرَتْ بانْقِضاءِ عِدَّتِها. فأمَّا إِنْ لَمْ يَعْرِفْ ما يَغْلِبُ على ظَنِّهِ صِدْقُها، لم يَحِلَّ له نِكاحُها. وقال الشَّافِعِىُّ: له نِكاحُها؛ لما ذَكَرْنا أَوَّلًا، والْوَرَعُ أَنْ لا يَنْكِحَها. ولَنا، أَنَّ الأصْلَ التَّحْرِيمُ، ولم يُوجَدْ غَلَبَةُ ظَنٍّ تَنْقُلُ عنه، فوَجَبَ البَقَاءُ عليه، كما لو أَخْبَرَهُ فَاسِقٌ عنها.
فصل: وإذا أخْبَرَتْ أَنَّ الزَّوْجَ أصابَها، فأنْكَرَ، فالقَوْلُ قَوْلُهَا فى حِلِّها لِلْأوَّلِ، والْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ فى المَهْرِ، ولا يَلْزَمُهُ إِلَّا نِصْفُهُ إذا لم يُقِرَّ بالْخَلْوَةِ بها. فإِنْ قال الزَّوْجُ