أحدُها: أَنَّ سَهْمَ ذِى القُرْبَى ثابتٌ بعد موتِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد مَضَى ذكرُ ذلك، والخلافُ فيه. وقد ذَكَرَهم اللَّهُ تعالى فى كتابِه من ذَوِى السِّهامِ، وثَبَتَ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يُعْطهِم، فرَوَى جُبَيْرُ بن مُطْعِمٍ، قال: وَضَعَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سَهْمَ ذى القُرْبَى فى بَنِى هاشمٍ وبنى المُطَّلِبِ، وَتَرَكَ بنى نَوْفَلٍ وبنى عبدِ شمسٍ. وذَكَرَ الحديثَ، [حديثٌ صحيحٌ، و](١) رَوَاه أبو داودَ، [والبُخارِىُّ نحوَه](٢). ولم يأْتِ لذلك نَسْخٌ ولا تَغْيِيرٌ، فوَجَبَ القولُ به، والعَمَلُ بحُكْمِه. قال أحمدُ: حدَّثنا وَكِيعٌ، حَدَّثنا أبو مَعْشَرٍ، عن الْمَقْبُرِىِّ، قال: كَتَبَ نَجْدَةُ إلى ابنِ عبَّاس يسأَلُه عن سَهْمِ ذى القُرْبَى، فكَتَبَ ابنُ عبَّاس: إنَّا كُنَّا نَزْعُمُ أنَّه لنَا، فأبَى ذلك (٣) علينا تَوْمُنا (٤). قال أحمدُ: أنا أذْهَبُ إلى (٥) أنَّه لِقَرابةِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، على ما قال ابنُ عبَّاسٍ:"هو لَنَا".
الفصل الثانى: أَنَّ ذا القُرْبَى هم بنُو هاشمٍ وبنو (٦) المُطلِبِ بن عَبدِ مَنافٍ دونَ غيرِهم؛ بدليل ما رَوَى جُبيرُ بن مُطْعمٍ، قال: لما قَسَمَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سَهْمَ ذَوِى (٧) القُرْبَى من خَيْبَرَ، بين بنى هاشمٍ وبنى المُطَّلِبِ، أَتَيْتُ أنا وعثمانُ بن عَفَّانٍ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقُلْنا: يا رسولَ اللَّه، أمَّا بنو هاشم فلا ننكِرُ فَضْلَهُم، لمَكانِك الذى وَضَعَكَ اللَّه به (٥) فهم، فما بالُ إخْوانِنا من بنى المُطلِبِ أعْطَيْتَهُم وَتَرَكْتَنَا، وإنَّما نحنُ وهم منكَ بمَنْزِلةٍ واحدةٍ؟ فقال:"إنَّهُمْ لَمْ يُفارِتُونِى فِى جَاهِليَّةٍ ولَا إِسْلَامٍ، وَإِنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ وَبنُو الْمُطَّلِبِ شَىْءٌ وَاحِدٌ"، وشَبَّكَ بين أصابِعِه. وفى رِوايَةٍ: "إنَّهُمْ لَمْ يُفَارِقُونَا فِى جَاهِلِيَّةٍ
(١) سقط من: الأصل، م. (٢) سقط من: م. وفى أ: "وذكره البخارى ونحوه". والحديث تقدم تخريجه فى: ٤/ ١١١. وانظر فيه صحيح البخارى، والمسند. (٣) سقط من: الأصل، أ، ب. (٤) تقدم تخريجه فى صفحة ٢٨٩. (٥) سقط من: ب. (٦) فى ب زيادة: "عبد". (٧) فى م: "ذى".