مسعودٍ: صَلَّيْتُ مع النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، ومع أبى بَكْرٍ، وعمرَ، وعثمانَ رَكْعَتَيْنِ صدرًا من إمَارَتِه (١). وهذا إذا كان الإِمامُ مَرْضِيًّا، فإن لم يكنْ مَرْضِيًّا صَلَّى المَرْءُ بِرُفْقَتِه فى رَحْلِهِ.
فصل: ويُسْتَحَبُّ أن يَخْطُبَ الإِمامُ، فى اليَوْمِ الثانى من أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، خُطْبَةً [يُعَلِّمُ النَّاسَ](٢) فيها حُكْمَ التَّعْجِيلِ والتَّأْخِيرِ، وَتَوْدِيعهم. وبهذا قال الشَّافِعِىُّ، وابنُ المُنْذِرِ. وقال أبو حنيفةَ: لا يُسْتَحَبُّ، قِيَاسًا على اليَوْمَيْنِ الآخَرَيْنِ. ولَنا، ما رُوِىَ عن رَجُلَيْنِ من بنى بَكْرٍ، قالا: رَأَيْنا رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ بين أوْساطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، ونحن عند رَاحِلَتِه. رَوَاهُ أبو دَاوُدَ (٣). وعن سَرَّاء بنت نَبْهَانَ، قالتْ: خَطَبَنَا رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الرُّءُوسِ (٤)، فقال:"أىُّ يَوْمٍ هذا؟ ". قُلْنَا (٥): اللهُ ورسولُهُ أعلمُ. قال:"أَلَيْسَ أَوْسَطَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ؟ "(٦). رَوَى الدَّارَقُطْنِىُّ (٧) بإسْنَادِه عن عبدِ العزيزِ بن الرّبيعِ بن سَبْرَةَ، عن أبِيهِ، عن جَدِّهِ، أنَّ رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَطَبَ أوْسَطَ (٨) أيَّامِ التَّشْرِيقِ. يَعْنِى يومَ النَّفْرِ الأوَّلِ. ولأنَّ بالنَّاسِ حاجَةً إلى أن يُعَلِّمَهم كيف يَتَعَجَّلُونَ، كيف يُوَدِّعُونَ، بِخِلافِ اليومِ الأَوَّلِ.
(١) أخرجه البخارى، فى: باب الصَّلاة بمنى، من كتاب الصَّلاة، وفى: باب الصَّلاة بمنى، من كتاب الحجّ. صحيح البخارى ٢/ ٥٣، ١٩٨. ومسلم، فى: باب قصر الصَّلاة بمنى، من كتاب صلاة المسافرين وقصرها. صحيح مسلم ٢/ ٤٨٣. وأبو داود، فى: باب الصَّلاة بمنى: من كتاب المناسك. سنن أبي داود ١/ ٤٥٤. والنسائى، فى: باب الصَّلاة بمنى، من كتاب تقصير الصَّلاة فى السفر. المجتبى ٣/ ٩٩. والإِمام أحمد، فى: المسند ٣/ ١٤٤، ١٤٥. (٢) فى الأصل: "يعلمهم". (٣) فى: باب أى يوم يخطب بمنى، من كتاب المناسك. سنن أبي داود ١/ ٤٥٢. (٤) يوم الرءوس: هو اليوم الثاني من أيَّام التشريق؛ سمى بذلك لأنَّهم كانوا يأكلون فيه رءوس الأضاحى. عون المعبود ٢/ ١٤٣. (٥) فى أ، ب، م: "قلت". (٦) أخرجه أبو داود، فى: باب أى يوم يخطب بمنى، من كتاب المناسك. سنن أبي داود ١/ ٤٥٣. (٧) فى: باب من كتاب الحجّ. سنن الدارقطنى ٢/ ٢٢٧. (٨) فى الأصل: "وسط".