نحوَهُ، فظَاهِرُ كلامِ الْخِرَقِيِّ أنه لا يُجْزِئُهُ؛ لقولِهِ: شيئًا مِن اللِّبَاسِ، وهذا لا يُسَمَّى لِباسًا. وهو قولُ القاضي. وقالَ بعضُ أصحابِنَا: يُجْزِئُهُ؛ لأن هذا شيءٌ، [فيكونُ الحديثُ مُتَناوِلًا لهُ](١٣)، وقد رُوِىَ عن جَابِرٍ، أنَّه صَلَّى في ثوبٍ واحدٍ مُتَوَشِّحًا بِهِ، كأنِّي أَنْظُرُ إليهِ كأنَّ على عَاتِقِهِ ذَنَبَ فَأْرَةٍ (١٤). [وعن إبراهيمَ](١٥) قالَ: كانَ أصحابُ رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا لم يَجِدْ أحدُهُمْ ثَوْبًا أَلْقَى على عَاتِقِهِ عِقَالًا وصَلَّى. والصحيحُ: أنه لا يُجْزِئُهُ؛ لأن النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قالَ:"إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ فَلْيُخَالِفْ بَيْنَ طَرَفَيْهِ عَلَى عاتِقَيْهِ (١٦) ". مِن الصِّحَاحِ، ورَوَاهُ أبو داوُد (١٧). ولأنَّ الأمْرَ بوَضْعِهِ على العَاتِقَيْنِ لِلسَّتْرِ، ولا يَحْصُلُ ذلك بوضعِ خَيْطٍ [ولا حَبْلٍ](١٨)، ولا يُسَمَّى سُتْرَةً [ولا لِبَاسًا](١٨). وما رُوِىَ عن جابرٍ لم يَصِحّ، وما رُوِىَ عن الصحابَةِ، إنْ صَحَّ عنْهُمْ (١٩). فلِعَدَمِ ما سِوَاهُ؛ [لقولِه: إذا لم يَجِدْ ثَوْبًا. وفى هذا دلالةٌ على أنَّ هذا لا يُجْزِىءُ مع وُجودِ الثَّوْبِ](٢٠).
فصل: ولم يُفَرِّقْ الْخِرَقِيُّ بين الفَرْضِ والنَّفْلِ؛ [لأنَّ الخَبرَ عامٌّ فيهما](٢١)، ولأنَّ ما
(١٣) في الأصل: "فيتناوله. قال بعضهم". (١٤) أخرجه مسلم، في: باب الصلاة في ثوب وإحد وصفة لبسه، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم ١/ ٣٦٩. والإمام أحمد، في: المسند ٣/ ٢٩٤، ٣٠٠، ٣٥٧، ٣٨٦. ولم يرد فيهما: "كأني أنظر إليه، كأن على عاتقه ذنب فأرة". (١٥) في م: "وعنه". وإبراهيم، يعني النخعي. (١٦) في م: "عاتقه". (١٧) أخرجه البخاري، في: باب الصلاة في الثوب الواحد ملتحفا به، وباب إذا صلى في الثوب الواحد فليجعل على عاتقيه، من كتاب الصلاة. صحيح البخاري ١/ ١٠٠، ١٠١. ومسلم، في: باب الصلاة في ثوب واحد، وصفة لبسه، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم ١/ ٣٦٨، ٣٦٩. وأبو داود، في: باب جُمَّاع أثواب ما يصلَّى فيه، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود ١/ ١٤٦. كما أخرجه الإمام أحمد، في: المسند ٢/ ٢٥٥، ٢٦٦، ٣١٩، ٤٢٧، ٥٢٠. (١٨) سقط من: م. (١٩) سقط من: الأصل. (٢٠) في م: "واللَّه أعلم". (٢١) في م: "لأن الحديث عام في كل منهما".