فصل: ويَحْرُمُ منها ما يأكلُ الجِيَفَ، كالنُّسورِ والرَّخَم (٤)، وغُرابِ البَيْنِ، وهو أكبرُ الغِرْبان، والأَبقَع. قال عُرْوَةُ: ومَنْ يأْكُلُ الغُرابَ وقد سَمَّاه رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فاسِقًا! واللَّهِ ما هو من الطَّيِّبات. ولَعَلَّه يعنى قولَ النَّبِىّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خَمْسٌ فَوَاسِقُ، يُقْتَلْنَ فى الحِلِّ والحَرَمِ؛ الغُرابُ، والحِدَأةُ، والفأْرَةُ، والعَقْرَبُ، والكَلْبُ العَقُورُ"(٥). فهذه الخَمسُ مُحَرَّمَةٌ؛ لأنَّ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أباحَ قَتْلَها فى الحَرَمِ، ولا يجوزُ قَتْلُ صَيْدٍ مأكُولٍ فى الحرَمِ، ولان ما يُؤْكَلُ لا يحِلُّ قَتْلُه إذا قُدِرَ عليه، وإنَّما يُذْبحُ ويُؤْكَلُ. وسُئِلَ أحمدُ، عن العَقْعَقِ (٦)، فقال: إنْ [لم يكُنْ](٧) يأكلُ الجِيَفَ، فلا بأس به. قال بعضُ أصْحابِنا: هو يأكُلُ الجِيَفَ، فيكونُ على هذا مُحَرَّمًا.
فصل: ويَحْرُمُ الخُطَّافُ (٨)، والخُشَّافُ والخُفَّاشُ وهو الوَطْوَاطُ. قال الشاعر (٩):
مثل النهارِ يزِيدُ أبْصارَ الوَرَى ... نُورًا ويُعْمِى أَعْيُنَ الخُفَّاشِ
قال أحمدُ: ومَنْ يأكُلُ الخشافَ! وسُئِلَ عن الخُطَّافِ؟ فقال: لا أَدْرِى. وقال النَّخَعِىُّ: كُلُّ الطَّيْرِ حَلالٌ إلَّا الخُفَّاشَ. وإنّما حُرِّمَتْ هذه؛ لأنَّها مُسْتَخْبَثَةٌ، لا تَسْتَطِيبُها العربُ، ولا تَأكُلُها. ويَحْرُمُ الزَّنابيرُ، واليَعاسِيبُ، والنَّحْلُ، وأشْباهُها؛ لأَنَّها مُسْتَخْبَثَةٌ، غيرُ مُسْتَطابَةٍ.
فصل: وما عَدَا ما ذَكَرْنَاهُ، فهو مُباحٌ؛ لعُمومِ النُّصوصِ الدَّالَّةِ على الإِباحَةِ، من ذلك بَهِيمَةُ الأَنْعامِ، وهى الإِبلُ، والبقرُ، والغنمُ. قال اللَّه تعالى: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ
(٣) الباشق: من الجوارح، يشبه الصقر، ويتميز بجسم طويل، ومنقار قصير بادى التقوس. (٤) الرخم: طائر غزير الريش، له منقار طويل أكثر من نصفه مغطى بجلد رقيق. (٥) تقدم تخريجه، فى: ٥/ ١١٥، ١١٦. (٦) العقعق: من فصيلة الغراب، صخَّاب، له ذنب طويل، ومنقار طويل. (٧) سقط من: الأصل. (٨) الخطاف: ضرب من الطيور القواطع، عريض المنقار، دقيق الجناح طويله، منتفش الذيل. (٩) البيت دون عزو، فى: حياة الحيوان، للدميرى ١/ ٤٢١.