وجملةُ الأمرِ، أَنَّ قَدْرَ الطّعامِ فى الكفّاراتِ كُلِّها مُدٌّ مِنَ بُرٍّ لكُلِّ مسكينٍ، أو نصفُ صاعٍ مِن تَمْرٍ أو شَعِيرٍ. ومِمَّن قال: مُدُّ بُرٍّ. زبدُ بن ثابتٍ، وابنُ عبّاسٍ، وابنُ عمر. حَكاه عنهم الإِمامُ أحمدُ، ورَواه عنهم الأثْرَمُ، وعن عطاءٍ، وسليمانَ بن موسى. وقال سليمانُ بن يَسارٍ: أدْرَكْتُ النّاسَ إذا أعْطَوا فى كفَّارةِ اليمين، أعْطَوْا (٦) مُدًّا مِن حِنْطَةٍ بِالمُدِّ الأَصْغَرِ، مُدِّ النَّبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. وقال أبو هُرَيْرَةَ: يُطْعِمُ مُدًّا مِن أىِّ الأنْواعِ كان. وبهذا قال عَطاءٌ، والأوْزاعِىُّ، والشّافعىُّ؛ لما رَوَى أبو داودَ (٧)، بإسناده عن عطاءٍ، عن أوسٍ ابنِ أخى عُبادةَ بن الصَّامِت، أَنَّ النَّبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أعْطاهُ -يعنى المُظاهِرَ- خمسةَ عَشَرَ صاعًا مِن شَعِيرٍ، إطْعامَ سِتِّينَ مسكينًا. ورَوَى الأثْرَمُ، بإسْناده عن أبى هُرَيْرةَ فى حديثِ المُجامِعِ فى رمضانَ، أَنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أُتِىَ بِعَرَقٍ فيه خمسةَ عَشَرَ صاعًا، فقال:"خُذْهُ وَتَصَدَّقْ بِهِ"(٨). وإذا ثَبَت فى المُجامِعِ بِالخَبَرِ، ثَبَت فى المُظاهِرِ بالقياسِ عليه، ولأنَّه إطْعامٌ واجبٌ، فلم يَخْتَلِفْ باخْتلافِ باخْتلافِ أنْواع المُخْرَج، كالفِطْرَةِ وفِدْيَةِ الأذَى. وقال مالكٌ: لكُلِّ مسكينٍ مُدَّان مِن جميعِ الأنْواعِ. ومِمَّن قَال: مُدَّانِ مِن قَمْحٍ؛ مجاهدٌ، وعِكْرِمَةُ، والشَّعْبِىُّ، والنَّخَعِىُّ (٩)؛ لأنَّها كفَّارةٌ تَشْتَمِل على صِيَامٍ وإطْعامٍ، فكان لكُلَّ مسكينٍ نِصْفُ صاعٍ، كفِدْيَةِ الأذَى. وقال الثَّوْرِىُّ، وأصحابُ الرَّأْىِ: مِن القمحِ مُدَّانِ، ومِن التَّمْرِ والشَّعِير صاعٌ، لكُلِّ مسكينٍ؛ لقولِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فى حديثِ سَلَمَةَ بن صَخْر:"فَأَطْعِمْ وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ". رواه الإِمامُ أحمدُ، فى "المُسْنَدِ"، وأبو داودَ، وغيرُهما (١٠)، رَوَى الخَلَّالُ، بإسْنادِه عن يُوسُفَ بن
(٦) سقط من: م. (٧) فى: باب فى الظهار، من كتاب الطلاق. سنن أبى داود ١/ ٥١٤. (٨) تقدم تخريجه فى: ٤/ ٣٦٦، ويضاف إليه: وأخرجه الإمام أحمد، فى: المسند ٢/ ٢٠٨. (٩) سقط من: أ. (١٠) تقدم تخريجه فى صفحة ٥٥.