قال: أن يُحسِّنهَ. وقيل له: ما مَعنَى: "مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بالقُرْآنِ". قال: يَرْفَع صَوْتَه به. وهكذا قال الشَّافعىُّ. وقال اللَّيْثُ: يَتحزَّنُ به، ويَتخشَّعُ به، ويَتَباكَى به. وقال ابنُ عُيَيْنَةَ، وعَمْرُو بنُ الحارِثِ، ووَكِيعٌ: يَستَغْنِى به. فأمَّا القِراءةُ بالتَّلْحينِ، فيُنْظَرُ فيه؛ فإن لم يُفْرِطْ فى التَّمْطيطِ والْمَدِّ وإشْباعِ الحَرَكاتِ، فلا بأْسَ به؛ فإِنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قد قرأَ، ورجَّعَ، ورفَعَ صَوْتَه. قال الرَّاوِى: لولا أَنْ يَجتمعَ النَّاسُ علىَّ، لَحَكَيْتُ لكم قراءَتَه (١٢٢). وقال عليه السَّلام:"لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ"(١٢٣). وقال:"مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَىْءٍ كَإِذْنِهِ لِنَبِىٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ، يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ، يَجْهَرُ بِهِ"(١٢٣). ومعنى أَذِنَ: اسْتَمَعَ. قال الشاعرُ (١٢٤):
* فى سَمَاعٍ يَأْذَنُ الشَّيْخُ له *
وقال القاضى: هو مَكْروهٌ على كلِّ حالٍ. ونحوُه قولُ أبى عُبَيْدٍ، وقال (١٢٥) مَعنَى قولِه: "لَيْسَ مِنَّا مَن لَمْ يَتَغَنَّ بالقُرْآنِ". أى: يَسْتغنِى به. قال الشَّاعِرُ:
قال: ولو كانَ من الغِناءِ بالصَّوتِ، لَكانَ مَن لم يُغنِّ بالقُرآنِ ليس من النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.
(١٢٢) أخرجه البخارى، فى: باب أين ركز النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- الراية يوم الفتح، من كتاب المغازى، وفى: باب تفسير سورة الفتح، من كتاب التفسير، وفى: باب القراءة على الدابة، وباب الترجيع، من كتاب فضائل القرآن. وفى: باب ذكر النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- وروايته عن ربه، من كتاب التوحيد. صحيح البخارى ٥/ ١٨٧، ٦/ ٦٩، ٢٣٨، ٢٤١، ٩/ ١٩٢. ومسلم، فى: باب ذكر قراءة النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- سورة الفتح يوم فتح مكة، من كتاب صلاة المسافرين. صحيح مسلم ١/ ٥٤٧. وأبو داود، فى: باب استحباب الترتيل فى القراءة، من كتاب الوتر. سنن أبى داود ١/ ٣٣٨. وانظر: تحفة الأشراف ١٧/ ١٨٠، ١٨١. والراوى هو عبد اللَّه بن مغفل المزنى. (١٢٣) تقدم تخريجه، فى: ٢/ ٦١٤. (١٢٤) هو عدى بن زيد، وهذا صدر بيت، عجزه: * وحديثٍ مثلْ مَاذِىٍّ مُشارٍ * وهو فى: غريب الحديث ٢/ ١٤٠، الصحاح ٢/ ٧٠٤، مقاييس اللغة ١/ ٧٦، ٣/ ٢٢٦، ٣/ ٦٠، اللسان والتاج (ش ور، أذن). والماذى المشار: العسل الأبيض المجتنى. (١٢٥) فى غريب الحديث ٢/ ١٧١، ١٧٢. والبيت للأعشى الكبير، وهو فى ديوانه ٢٥.