وليس فى إباحةِ الشِّعر خِلافٌ، وقد قالَه الصَّحابةُ والعُلَماءُ، والحاجَةُ تدْعُو إليه لمَعرِفةِ اللُّغةِ والعربيَّةِ (١٠١)، والاسْتشهادِ به فى التَّفْسيرِ، وتَعَرُّفِ معانى كَلامِ اللَّهِ تعالى، وكلامِ رَسولِه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويُسْتَدلُّ به أيضًا على النَّسَبِ، والتَّاريخِ (١٠٢)، وأيَّامِ العَربِ. ويُقال: الشِّعْرُ ديوانُ العَربِ. فإن قيل: فقد قال اللَّهُ تعالى: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ}(١٠٣) وقال النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا حَتَّى يَرِيَهُ، خَيْرٌ له مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا". رواه أبو دَاودَ، وأبو عُبيدٍ (١٠٤). وقال: مَعنَى يَرِيَهُ، يَأكلُ جوفَه، يُقالُ: وَرَاه يَرِيه، قال الشَّاعرُ (١٠٥):
وَرَاهُنَّ رَبِّى مثلَ ما قَدْ وَرَيْنَنِى ... وأحْمَى على أكْبادِهِنَّ الْمَكاوِيَا
قُلْنا: أمَّا الآيةُ، فالمُرادُ بها مَن أسْرَفَ وكَذَبَ؛ بدليلِ وَصْفِه لهم بقولِه: {أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِى كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (٢٢٥) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ} (١٠٦). ثم اسْتثْنَى المؤمِنينَ، فقال:{إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا}(١٠٧). ولأنَّ الغالبَ على
(١٠٠) أورده ابن عبد البر، فى: الاستيعاب ٤/ ١٦٤٨. (١٠١) سقطت الواو من: أ، م. (١٠٢) فى أ: "والتواريخ". (١٠٣) سورة الشعراء ٢٢٤. (١٠٤) أخرجه أبو داود، فى: باب ما جاء فى الشعر، من كتاب الأدب. سنن أبى داود ٢/ ٥٩٨. وأبو عبيد، فى: غريب الحديث ١/ ٣٤ - ٣٦. كما أخرجه البخارى, فى: باب ما يكره أن يكون الغالب على الإنسان الشعر. . .، من كتاب الأدب. صحيح البخارى ٨/ ٤٥. ومسلم، فى: كتاب الشعر. صحيح مسلم ٤/ ١٧٦٩، ١٧٧٠. والترمذى، فى: باب ما جاء: لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا. . .، من أبواب الأدب. عارضة الأحوذى ١٠/ ٢٩٢. وابن ماجه، فى: باب ما كره من الشعر، من كتاب الأدب. سنن ابن ماجه ٢/ ١٢٣٦، ١٢٣٧. والدارمى، فى: باب: لأن يمتلئ جوف أحدكم. . .، من كتاب الاستئذان. سنن الدارمى ٢/ ٢٩٧. والإمام أحمد، فى: المسند ١/ ١٧٥، ١٧٧، ١٨١، ٢/ ٣٩، ٩٦، ٢٨٨، ٣٣١، ٣٥٥، ٣٩١، ٤٧٨، ٤٨٠، ٣/ ٨، ٤١. (١٠٥) هو سحيم عبد بنى الحسحاس. ديوانه ٢٤. (١٠٦) سورة الشعراء ٢٢٥، ٢٢٦. (١٠٧) سورة الشعراء ٢٢٧.